أطفالنا ونمو عقولهم الرقمية

كلنا شاهد أفلاما بالحركة البطيئة، وأيضا بالحركة السريعة.. جاءت استطلاعات عن الطفل ونموّه السلوكي تقول لنا إن الفترة بين 4-7 سنوات من عمر الطفل، والتي أتحنا له العمل بالرقميات والمتحركات بمختلف ألوانها وأشكالها وأغراضها ستُعطينا طفلا بعد بلوغه العاشرة أو ما فوقها لا يرى ما حوله من البيئة والأشياء والمجتمع والأسرة لا تتحرك إلا بالـ(سلوموشن) لأن الرقميات أعطته التصاقا ذهنيا بأن كل ما يتحرّك يجب أن يكون سريعا.

لم آت بهذا من عندي، لكنني قرأت تناولا تعدد في عديد من المواقع التربوية الخاصة بالطفل، وأيضا جمعتُ بعض آراء من مدرسة تخصصت في رياض الأطفال ومارست التدريس في رياض الأطفال، وما زالت على رأس العمل، وتكاد ترى ما رآه أصحاب تلك الآراء المنشورة على الملأ.

لو صحّت تلك الأقوال فإن يافع المستقبل سيكون عجولا للحصول على النتيجة النهائية لكل شيء في أموره الحياتية، باستقبال حديث الوالدين مثلا، بالتعاطي مع الشرح، والسلام والتحيات وانتظار السرعة في أحواله كلها. وباختصار سيدخل أفلاكا فكرية وعقلية لا عهد لنا بها. والسبب أنه رأى من الرقميات أن كل شيء يأتيه من السرعة، وأن الانتظار مهما صغُر فهو لا يلائمه.

من الآن، لاحظ الطفل المتعلّق بالآيباد. يُفضّل أن ينهي حديثه مع أهله بأقصى سرعة ليعود إلى اللوحة، التى يرى فيها أنها تُشبعهُ سرعة، وتهبهُ امتدادا للبحث عن مطلبه.

ووصل النقاش بين المهتمين بالطفل ومستقبله أن قالوا بأن مرحلة النمو العقلي للصغير قد لا تتواءم مع دورته العقلية منذ طفولته التى قضاها أمام الشاشات بأنواعها، وأنه عرضة لرفض زمانه المستقبلي، أو رؤية بيئته كمثال للـ(سلوموشِن).

على الرغم من جعل الحياة أسهل وقضاء الأمور والحاجيات أسرع إلّا أنّها أحدثت فجوة كبيرة في العقول الصغيرة على أرض الواقع وهذا ما يمكن أن نلاحظه ببساطة في البيت الواحد؛ فنرى كل فرد من أفراد العائلة ممسكاً بهاتفه الشخصي كأن له عالمه الخاص، ولم يتوقّف هذا الأمر على المراهقين أو الشباب بل تخطّاهم ليشمل جميع أفراد العائلة باعتبارها مجتمعاً مصغّراً، فالأم أصبحت مدمنة والأب والأخ وحتى الأطفال، وهذا أمر ليس بالبسيط؛ لأن الطبيعي هو جلوس العائلة مع بعضها البعض وتداولها الحديث في موضوع معين أو قضاء أجواء عائلية لطيفة، والوضع الطبيعي للطفل هو اللعب أو مشاهدة أفلام الكرتون، ولكن ما نراه اليوم هو العكس تماماً فالطفل أصبح متعلقاً بما يسمى الآيباد؛ فأصبحنا نرى أطفالنا أكثر براعة منا في التعامل مع هذه الأجهزة بما تتضمنه من تطبيقات.

بقلم: عبدالعزيز المحمد الذكير - الرياض