أبرع أناس في الركض

أقول لو أن اندفاعنا في التسابق إلى جودة الأداء العملي في مؤسساتنا الأهلية والرسمية يتساوى مع اندفاعنا وهمتنا في تخطي الغير في الطرق أو عند إشارات المرور، لكنّا أنجزنا أهراما من المشاريع الحضارية تتقزّم عندها أهرام الفراعنة في مصر. قصدي القول عجلتنا وسرعتنا، "على غير سنَعْ".

نحن بلد الطرقات السريعة في المنطقة، لكن التربية الأساسية في التعامل مع حركة سير واسطات النقل لا تزال في المهد، والتجاوزات الخاطئة في قمتها.

نُطالب بالحرية لكن ليس لدينا الاستعداد لتحمّل مسؤولياتها.

استعمالنا الخاطىء للحرية جرّ البعض على أن يدفع حياته، وربما حياة الغير، أو قضاء بقية العمر في إعاقة.

مبيعات السيارات في بلادنا لا تتناسب أبداً مع عملية تهذيب السلوك، والوعي الفردي.

حرية شراء السيارات
حرية البيع.. حرية البيع.. حرية الإهمال والترك على جانب الطريق أو الساحات العامرة والمهجورة على السواء.

حرية التشليح وبيع المركبة مجزأة
أرانا مللنا من تكرار التنبيه على قضية السير والسيارة.

يحتاج الأمر إلى أكثر من وقفة وأكبر من مراجعة لكافة الشؤون المتعلقة بالسير.

أعتقد أن الخامة العقلية للسائق لها دور كبير في الحالة الصعبة تلك، وربما اتفقنا مع أطباء علم النفس أن بعض مستعملي الطرق عندنا مصابون بقصور تريوي.. أو عقلي؛ لذا بقيت أرواح الناس معلّقة بين طائش ومغامر.

لا نريد من رجال المرور أن يأتوا بمعجزات، وفي الوقت ذاته لا يكونون جلادين. لكننا نطمع في الشدّة.. خصوصا مع بعض المتدلعين، فهم (أي المُدلعون) أطراف رئيسة، أو أنهم لب المشكلة وليسوا حاشية.

وأعطت المبادرات الأخيرة والنشاطات التي يبذلها رجال المرور مردودا مشاهدا، وانعكاسات إيجابية على المشروع التهذيبي وجعلت الكثير من عديمي الاهتمام يحسبون حساباتهم ويتفحصون أوراقهم من وقت لآخر، وحتى الملثمين قلّوا في الفترات الأخيرة، وسمعنا من بعض المقيمين تعبيرا مثل (نو فاستا) أي: لا واسطة، بما معناه أن المنكر لضيافة بلدنا سيلقى الجزاء مهما كان كفيله.

قد نصل إلى المركز الأول في سباقات رياضية، أو المركز الثاني في تحلية المياه المالحة، لكن هذا لن يضعنا في المكان اللائق ما دامت روح الاستهتار واللا مبالاة تتقمص أجسادنا كسعوديين.

بقلم: عبدالعزيز المحمد الذكير - الرياض