هندي مدير ميكروسوفت

 بعد إعلان الرئيس التنفيذي لميكروسوفت ستيف بالمر تنحيه عن قيادة الشركة بدأت رحلة البحث عن رئيس جديد لإحدى أهم شركات الحواسيب في العالم. 

تم البحث خلال خمسة أشهر عن رئيس تنفيذي بديل لبالمر داخل الشركة وفي عدد من القطاعات الاقتصادية بين 100 مرشح لشغل المنصب، وبعد البحث وقع الاختيار على ساتيا ناديلا ليكون ثالث رئيس تنفيذي في تاريخ الشركة وسبب اختياره يتمثل في النجاحات التي حققها في إدارة بعض القطاعات في شركة ميكروسوفت ذاتها، وتحقيق أرباح تزيد على الضعف في زمن وجيز. 

الرئيس التنفيذي الجديد الذي وقع عليه الاختيار قبل بضعة أيام من أصول هندية ويبلغ من العمر 46 عاماً وسبب اختياره اقتناع مجلس إدارة الشركة بالحاجة إلى قيادي مبدع ذوي قدرات عالية يمكّن الشركة من الاستمرار في المنافسة في حقل اقتصادي لا يعرف الثبات. 

ما لفت الانتباه في خبر تعيين الرئيس التنفيذي الجديد للشركة هو تعيين مؤسس الشركة ورئيس مجلس الإدارة السابق بيل غيتس مستشارا بدوام جزئي للرئيس التنفيذي الجديد، وهو بالطبع في عرفنا العربي أمر أقرب إلى الخيال أن يؤسس إنسان شركة بحجم ميكروسوفت ويستقيل من رئاسة مجلس إدارتها ليعمل بها مجدداً بدوام جزئي في شركته التي أسسها دون حياء! 

سأتجاوز كل ذلك مع ما يحتويه من غرابة ودهشة لأتحدث عن المدرسة التي تخرج منها الرئيس التنفيذي الحالي وهي مدرسة حيدر آباد العامة في الهند والتي نجحت في أن تمد العالم بأكثر من 30 قيادياً عالمياً ومشاهير ومن ضمن الشخصيات التي تخرجت من ذات المدرسة الرئيس التنفيذي لشركة أدوبي وهي شركة ذائعة الصيت في مجال تقنية المعلومات وغيرهما من القيادات في قطاعات اقتصادية مختلفة داخل الهند وحول العالم والتي تفخر المدرسة اليوم بأنهم مخرجاتها. 

تأسست المدرسة في العام 1923م وكان عدد طلابها آنذاك 5 طلاب وعدد المعلمين فيها ستة معلمين ويبلغ اليوم عدد طلابها 2800 طالب. 

يلفت الانتباه في المدرسة كل شيء تقريباً ابتداء من علم المدرسة والذي تشير ألوانه المختلفة إلى جامعة إكسفورد وجامعة كامبيردج إضافة إلى شعار المدرسة "أن نكون يقيظين"، ورسالتها التي تسعى من خلالها المدرسة إلى تحقيق جملة من المبادئ والأهداف الرئيسة لدى الطلاب ومنها تعزيز مفاهيم النزاهة والأمانة واحترام الآخرين والسعي قدما للقيادة والثقة بالنفس، فضلا عن مناهج التعليم في المدرسة التي تنمي لدى الطلاب الإبداع والولع بالفنون وتعلم اللغات وغيرها. 

البيئة التي صنعتها المدرسة كانت جاذبة للجميع، فالمدرسة كانت تصف أفضل المعلمين بأنهم كالشمعة تستهلك نفسها لتنير الطريق للآخرين مروراً بنظرة المدرسة لذاتها بأنها الحديقة التي تنمو فيها الأزهار، فضلاً عن مفهوم القيادة التي يتم تعليمه للطلاب المتمثل في مفهومها الواسع بأنها لا تقف عند حدود أن يكون الإنسان الأفضل فحسب بل وفي التعامل مع أصعب الأوقات ومواصلة الصعود، وغيرها من الجمل والعبارات والأنشطة والمناهج المتنوعة التي تصنع لدى الطالب الرغبة في التميز والنجاح منذ مراحل عمره الأولى. 

تعيين ساتيا ناديلا رئيساً تنفيذياً لميكروسوفت لفت الأنظار لهذه المدرسة المغمورة التي شكلت لبناتها وبنيتها التعليمية الوقود الذي يحتاجه أي إنسان منذ سنوات عمره المبكرة ليكون ناجحا في الحياة ، وفي تقديري الشخصي أن تعيين ساتيا رئيساً لميكروسوفت هو الثمن الذي تستحقه هذه المدرسة التي سعت بصمت خلال عقود طويلة لصناعة أجيال قيادية..


نقلاً عن "الرياض"