إدارة الحشود: السعودية أنموذجاً

بالرغم من أن الحادث تسبب فيه مجموعة حجاج لم يلتزموا بالتعليمات ما تسبب في الحادث، إلا أن الدولة وجدت أن واجبها مراجعة خططها لضمان سلامة الحجاج، وهنا يجب أن نتوقف قبل كل شيء لمناقشة مشكلة تواجه الدولة لاستخلاص أمر مهم، وهو بإمكان الدولة تحميل عدم تقيد الحجاج بالتعليمات مسؤولية ما حصل، حيث إن عدم تقيد الحجاج ليس إهمالاً من الدولة أو تقصيراً في رعايتها للحجاج، بل هي ناجمة عن تصرف غير مسؤول من بعض الحجاج، ومع ذلك ومن منطلق رعاية الدولة للحرمين الشريفين وحرصها على ضمان راحة الحجاج وسلامتهم حرصت الدولة على مراجعة خططها.

في هذا المقال أجد من المهم إيضاح حقائق حول حرص الدولة على تطوير الحرمين الشريفين منذ عهد الملك المؤسس وحتى وقتنا الحاضر، والحقيقة أنها أخذت منحى تضاعفياً وليس فقط توسعات محدودة ويكفي أن أشير إلى التالي:

مضاعفة الطاقة الاستيعابية للحجاج 20 ضعفاً، من قرابة 100 ألف حاج إلى أكثر من مليوني حاج سنوياً.

مضاعفة مساحة الحرم المكي 12 ضعفاً، من 28 الف متر مربع إلى 356 ألف متر مربع، وستصل إلى 750 ألف متر مربع بعد اكتمال التوسعة، أي 26 ضعفاً.

ومع كل توسعة تتطور الخدمات والتجهيزات الأمنية والبشرية وهو ما كان محل احترام وتقدير عدد كبير من القيادات الإسلامية والأمميه، ويكفي أن أشير إلى رأي مهاتير محمد رئيس وزراء ماليزيا الأسبق أحد ألمع وأنجح القيادات التنموية في العالم الإسلامي عندما شاهد توسعة الحرمين الشريفين في عهد الملك الراحل فهد بن عبدالعزيز يرحمه الله إذ يقول: «باحترام أسجل تقديري وعن المسلمين وأمتنا لخادم الحرمين الشريفين بما يقوم به من مشروعات في الحرمين الشريفين تعتبر دقة في العمل، وعلو الفن المعماري في هذه التوسعة والعمارة العملاقة في بيوت الله في الحرمين الشريفين... بارك الله في كل من خطط ونفذ ووضع حجراً فيه».

وكذلك إشادة خبيرة الأمم المتحدة الدكتورة سلا يانويا إذ تقول «لا توجد دولة في العالم تدير وتنظم الحشود والتجمعات البشرية كما تفعل السعودية في موسم الحج، وبهذا المستوى، وبشكل سنوي. دول العالم، بما فيها جنوب إفريقيا خلال استضافتها كأس العالم، استفادت من الخبرة السعودية في ذلك».

وبعد إنصاف العالم وشهادتهم التي سطروها في حق المملكة حكومة وشعباً من رجال أمن وطواقم طبية ومختلف المشاركين الذين يبذلون قصارى جهودهم لإنجاح موسم الحج والتيسير على ضيوف بيت الله الحرام، لا يضير المملكة رأي بعض من تمنعهم أخلاقهم أو ضمائرهم عن إبصار جهود الدولة في إعمار الحرمين الشريفين.

* نقلاً عن صحيفة "الرياض"