صندوق النساء

الخبر الذي أعلنته وزارة العدل حول تأسيس صندوق نفقة لدعم النساء المستحقات، مر بهدوء وتوارى في الظل، رغم كونه يقترب من البشارة لأهميته وترقب ميدان الأحوال الشخصية له منذ سنوات، إضافة إلى طبيعة الدور الذي يقوم به في ستر وردف الكثير من قضايا نفقة النساء.

حيث سيتولى الصندوق الصرف على المستحق للنفقة لحين الفصل في القضايا المنظورة أثناء فترة التقاضي، مع توفير الدعم للمرأة وأولادها في حالة إعسار الزوج.

بالتأكيد تأسس هذا الصندوق تلبية لحاجة ميدان يكابد تجاوزات وحالات جور شتى تقع على الأمهات والحاضنات والمطلقات.

ولو احتكمنا إلى لغة الأرقام، لوجدنا بحسب آخر تقرير لوزارة العدل أن نسبة الطلاق في المملكة بلغت 21% من إجمالي حالات الزواج، وهي نسبة وإن انخفضت عن الأعوام السابقة إلا أنها تبقى مرتفعة نوعا ما، وحتما سينمو على ضفاف هذا العدد كم وافر من إشكاليات الحضانة والنفقة.

وقضية النفقة لطالما كانت قضية إشكالية داخل المؤسسة العدلية، أولا لطبيعتها الملحة التي لا تحتمل التأجيل والتسويف. وثانيا لغياب قانون الأحوال الشخصية الذي سيحسم الموضوع عبر نص قانوني واضح.

وقبل سنوات رصدت وزارة العدل متوسط قيمة النفقة المقررة للنساء، بهدف تقديم البيانات الإحصائية للجهات التشريعية فوجد أن المتوسط لايتجاوز 633 ريالا!

والمبلغ بمقارنته بمتطلبات الحياة، ومقدار التضخم السنوي يبدو زهيدا للغاية يعجز عن توفير أدنى متطلبات الحياة الكريمة للعائلة.

وبغياب قانون الأحوال الشخصية عن هذه المنطقة سيبقى الاحتكام والمرجعية تعود إلى تراث فقهي هائل، على سبيل المثال تمنع بعض الأحكام الفقهية النفقة عن المرأة في حالة نشوزها؟!

وكلمة نشوز هي كلمة فضفاضة وغير واضحة وتتفاوت من حالة لأخرى، بل هي قابلة للتأويل تبعا لموقف القاضي من المرأة والنساء عموما.

أيضا من الممكن أن تعتبر امرأة تتعرض للعنف اللفظي وتطلب الخلع ناشزا، فالعنف لدى الدوائر العدلية الآن ينحصر فقط بالعنف الجسدي وآثاره التي رصدت بتقرير طبي على جسد المعنفة.

إضافة إلى أن الأحكام الفقهية المتعلقة بنفقة الأبناء نجدها تعاني نفس الحالة من الغموض، فالتشريع يوجب نفقة الأبناء، بشكل يوازي لنفقة أسرة ذات طبقة اجتماعية موازية، وبالطبع هذا ليس قانونا أو حكما بل تخرص وضرب في الغيب.

وقد سبق أن صرح لجريدة الرياض وكيل وزارة العدل للحجر والتنفيذ الشيخ خالد الداود أن دوائر التنفيذ في المحاكم العامة بالمملكة تستطيع أن تستقطع نصف راتب الزوج للنفقة في حال إصدار الحكم عليه.

يبقى هنا أهمية العمل على دراسات فقهية واجتماعية واقتصادية تستطيع أن تدعم قانونا يحدد النفقة ويجعلها قادرة على تأمين الحياة الكريمة للحاضنة وأبنائها.

بقلم: أميمة الخميس - الرياض