شركة الإرهاب المساهمة!

الترخيص، سجل كُتب بالحبر الأسود، ودهاليز سوداء، رقمه وتاريخه مطموس برموز سرية، تطايرت نسخ الترخيص عبر منصات العولمة، وبقيت نسخته الأصلية مغمورة بأرشفة إلكترونية، بعد أن صادق عليه رجل وقور في محفل «ماسوني»!

المُكتتبون، رجال ليس بينهم نساء، أسماؤهم ثلاثية أبعاد، ظاهرها آلات يقرأها العرب بلغة الضاد، وباطنها مترجم بحبر اللاتينية السّري، وأرقام الهوية جوازات مُزورة بألوان أعلام أعضاء هيئة الأمم المتحدة. أغراض الشركة، كتبها حاخامات وقساوسة، ومستشرقين يقبضون رواتبهم من أجهزة استخبارات، ومنافقين يُمجدون في كُتبهم وخُطبهم لغة الضاد، وضمائرهم بيعت في أسواق نخاسة بحفنة دولارات.

الحاخامات، وضعوا مصالح الكيان الصهيوني فوق كل اعتبار في أغراض شركة الإرهاب المساهمة، والقساوسة أنذروا بخطر انتشار الإسلام، أما المنافقين -وهم أشد إيلاماً- دوّنوا بدقة مُتناهية فصول نقاط ضعف المسلمين المتأرجحة بين الخلاف والاختلاف، وكتبوا باللون الأحمر «قنابل المذاهب والتكفير والجهاد الموقوتة»!

رأسمال الشركة، مختلط من العملات كافة، أشكال وألوان، تتمدد بوسائل وأساليب الدعم السرية والظلامية، مقبوضة ومحولة ومغسولة، وتجار الأسلحة يشمون رائحتها عبر وسطاء الكسب على جثث الأبرياء، تساوى المُصنّع والراشي والمرتشي والمموّل والقاذف في جريمة المقذوف.

القوى العاملة، الساحة مفتوحة على مصراعيها للعرب والمسلمين بصفة خاصة، والعاطلون والمحرومون في العالم تحركوا صوب وظائف شاغرة من دون مسميات أو وصف وظيفي، المهم أن أمامك أعداء لا مناص من محاربتهم، هنا وهنا فقط لا فرق بين أبيض وأسود، وأفريقي وآسيوي، الأبواب مفتوحة لمن يرغب في تنفيذ استراتيجية ومخطط تشويه صورة الدين الإسلامي. حدد الرغبة والوجهة وبين عشية وضحاها ستجد نفسك مُتسلح برشاش المُصمّم الروسي ميخائيل كلاشنكوف، الذي لايزال منذ عام ١٩٤٧ حتى وقتنا الحاضر سلاح الحركات الثورية والتحررية حول العالم لسهولة حمله واستخدامه، والمهم أن له صوت ونار ويُصيب ويقتل، وهذه هي الوسيلة التي تجُر للغاية.

مناطق الاستثمار، عام ١٩٨٨، كانت أفغانستان التي تعيش حال الفوضى، الأرض الذهبية لتوطين أهداف وغايات ورأسمال الشركة المُساهمة، الدعوة المعلنة غاية في الجاذبية، محاربة الشيوعية في أراض إسلامية. تقاطر المجاهدون بحسن نية، وتبعهم المُندسون بسوء نية، وتحرك الطامعون لأغراض سياسية، وكانت أجهزة الاستخبارات الدولية -ممثل الشيطان الأكبر- تتلاعب بالقضية الأفغانية لمصلحة أهداف الشركة المساهمة، حتى صار الفزع الأكبر في أحداث ١١ سبتمبر ٢٠٠١، فانقلبت المعادلة، وتبدّلت مناطق استثمار الشركة المساهمة.

العراق، هو الوجهة القادمة، الإطاحة بنظام الدكتاتور صدام حسين مطلب الأحرار والنظام الدولي الجديد، فرح أصحاب النوايا الحسنة، أيدوا وآزروا، سقط الدكتاتور وصلب، ولم ينتهِ كُل شيء..! أعضاء مجلس إدارة شركة الإرهاب المساهمة القابعين في سراديب المؤامرات، اختاروا العضو المنتدب بول بريمر (أحد طلبة هنري كسينجر النجباء عندما عمل معه في شركة أسوشيتس الاستشارية) وعينوه رئيساً للإدارة المدنية للإشراف على إعادة إعمار العراق، هكذا عرّف بنفسه في أول اجتماع مع قادة ملونين من كل حدب وصوب، وبعد ثلاث سنوات من الحكم المدني ترك المدعو بريمر العراق معموراً ومُزدهراً بالطائفية والكراهية وروائح الدعوة للتقسيم، وودّعه الإيرانيون في مطار بغداد بمثل ما استُقبل به من حفاوة وتكريم!

واليوم، يقف العالم شاهداً على منطقة الاستثمار الثالثة للشركة المساهمة في سورية، وضاق الغرب ذرعاً بانفصال وتمرد وليد استثمار الشركة المساهمة «داعش» في الموصل والرقة، بعد أن تطاولت وتمردت على استراتيجيتهم وخططهم طويلة الأمد الهادفة لإبقاء منطقة الشرق الأوسط في صراع وتخلف أبدي، ووصلت تضرب في عقر دارهم، وسالت الدماء في باريس وقبلها تحطمت طائرة روسية بفعل قنبلة وخطة مُحكمة، وأصبحوا أمام مُعضلة خطرة.

العولمة ليست تجارة واقتصاد، بل تحولت إلى مسرح الفواجع والقتل والتدمير، وأصبح هناك تعريف أممي لدماء الأبرياء، دم العربي والمسلم رخيص لا يستحق ذرف الدموع فهم في عداد المفقودين، وتنتفض الهيئات والمؤسسات الدولية المحكومة بجبروت وطغيان الأقوياء عندما يسيل دم يهودي أو من شعوب السامية.

قبلكم اكتوينا بنيران الإرهاب، وسالت دماء أبرياء وفجرت مساجد ومنشآت، وقبلكم ضلمنا بطغيان وجرائم ومجازر العدو الصهيوني المحتل أراض فلسطينية وعربية، ولازلتم تحيطونه بالدعم والرعاية، أنتم من زرع أرض العراق بالفتن والطائفية، وأنتم من أراد للثورة السورية البيضاء أن تتحول إلى قتل وخراب وتدمير وتقطيع أوصال، الإرهاب فايروس قاتل سريع العدوى والانتشار، والعالم قرية صغيرة بسرعة التنقل والثورة الاتصالية والمعلوماتية، وقبل شدة الانتقام فكّروا في عُمق الأسباب وجذورها، وحان الوقت لإعلان حل شركة الإرهاب المساهمة وتصفيتها.

بقلم: عبدالسلام اليمني - الحياة