«وعد الشمال».. دعونا نفرح قليلاً


الإحباط مرض أخرس ينخر في شرايين الروح، والأمل فجر يبتسم مع شعاع شروق الشمس وشعلة المحبة، ويلوثه الصراخ والضجيج وسموم الفاشلين والمُحتطبين بالأقلام. بين ظهرانينا بشر تكاتفوا على هدم هياكل الروح بثمن بخس ودراهم معدودة، حتى اختلطت قسوة الفشل مع حدائق الإنجاز والإبداع، وتحولت الابتسامة إلى تُهمة، ووجوم الوجه وتقطيب الحاجبين ودم الحبر شهادة البراءة لبطولة المعارضة.

جيل امتلأت خزائنه بالأموال، يسرح ويمرح بين أسوار القصور والمساكن المُفوترة بملايين الريالات، وعلى رغم من هذا يضجون كالعاصفة يمتطون صهوة أجياد فشلهم وأوجاعهم، ويغرسون سموم الإحباط في أرواح جيل شاب يتطلع إلى الحياة بقوة تزرع في أعماقهم الأمل.

الفتيان والفتيات الراكضون خلف الحنين لمستقبلهم ومستقبل بلادهم، يواجهون مستقبلاً مرصوفاً بهمس أشباح وأوكار منصات محدقة في اللاشيء، ويُصدمون من أرقام عواصف الفساد، يصرخون مذعورين، وترتجف أرجلهم، ولا مناص من عودتهم للبحث عن مناطق فُسحة الأمل.
نفسي مُثقلة بحُبك يا وطني..

عندما أطلق الملك عبدالله بن عبدالعزيز، رحمه الله، خبر مدينة «وعد الشمال» كتبت وعد الشمال وعدين، وعد العلم ووعد التنمية، العلم والتدريب تمكّن في جامعات الجوف وحفر الباطن والحدود الشمالية، ومعاهد المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني، ومعاهد التدريب للشركة السعودية للكهرباء، وطالبت وتمنيت التخطيط لبرمجة حاجات المشاريع في مدينة وعد الشمال من التخصصات الهندسية، والتقنية، والإدارية، ضمن مخرجات الجامعات ومعاهد التدريب في المنطقة الشمالية، لتلبي حاجات المصانع، ومشاريع المياه، والكهرباء، ووسائل النقل في مدينتي وعد الشمال ورأس الخير.
نفسي مُثقلة بحُبك يا وطني..

يوم (الأربعاء) ٣٠ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠١٥، طفحت مشاعر المهندس زياد الشيحة ومشاعري بالفرحة والغبطة والسرور، ونحن نصافح ثلة من المهندسين والفنيين الشباب الذين تُعدّهم الشركة وتُهيئهم للعمل في محطة توليد الطاقة الكهربائية المركبة المتكاملة في مدينة وعد الشمال، قال لهم المهندس زياد: (اليوم نحتفل بكم قبل أن نحتفل بتوقيع عقد إنشاء محطة التوليد، سيكون موقعكم في الصفوف الأمامية ليسعد الأمراء والوزراء والمسؤولين والإعلاميين بكم، لأننا نُفاخر بكم قبل أن نفخر بتوقيع عقد المشروع، أنتم الثروة الحقيقية للوطن).

نفسي مُثقلة بحُبك يا وطني..

تقاطرت أسماء هؤلاء الشباب على مسمعي كالياقوت ونثر المسك، وأنا أسمع بعضاً من عوائل أُسر الشمال الكريمة، الرويلي، والعنزي، والشمري، والرشيدي، وغيرهم من شباب الشمال الواعدين المُفعمين بالأمل في المستقبل. عندما يخفق فؤادك لبشائر الثمار، وتسعد لغيرك سعادتك لنفسك وأولادك، فأنت تحمل بين أضلعك محبة تُبلل شرايين قلبك.

صمت الجمع في خشوع وطمأنينة لآيات بينات من القرآن الكريم، وبعد توقيع عقد المشروع كان الختام مسكاً، تحرك شباب المستقبل بلباس المهنة الرائعة، في مظهر بهي ينثر طيب الأمل، قدموا للسلام على مستشار وزير البترول والثروة المعدنية الأمير فيصل بن تركي بن عبدالعزيز، وهو القيادي المولع بوعد الشمال، والمثابر بإخلاص من دون كلل أو ملل بمتابعة فرص الاستثمار وتوطين صناعة الطاقة في المملكة، وعندما اقترب الشباب للسلام على وزير البترول والثروة المعدنية المهندس علي النعيمي، ووزير المياه والكهرباء المهندس عبدالله الحصين، تجلّت أمامهم قصص كفاح الوزيرين.

وأقول لهم ولجميع شباب الوطن: هل قرأتم جيداً ماذا تعني لكم ابتسامة «علي النعيمي» لشباب الكهرباء، اقرؤوا تاريخ هذا الرجل وقصة كفاحه، وستجدون بين ثناياها، المعرفة، والرّسم، وعشق الأمل، وكراهية الإحباط، ستعرفون ماذا تعني الحكمة، والهدوء، وحسن التنظيم، واحترام الناس، وستتأكدون من سيرة هذا الرجل كيف أحبه واحترمه كل من عمل وتعامل معه، ولن أنسى ذلك الدرس العميق الذي حفر الأثر في نفسي وذاكرتي، عندما كنت عضواً في الوفد الزائر لجنوب أفريقيا في مهمة عمل رسمية، وعرفت كيف يدير «النعيمي» برنامجه اليومي، إنه حقاً مسؤول مثير للإعجاب والتقدير.

ولمن سيثور في خُلده تساؤل ربما يكون مشروعاً، أقول: لو سألت المهندس علي النعيمي، هل تعرف من هو عبدالسلام اليمني؟ سيقول لك: أخ كريم، ولكني حقاً لا أعرفه.


بقلم: عبدالسلام اليمني - الحياة