هيئة الغذاء والدواء .. اطمئنان وقلق!

الماء والهواء، الغذاء والدواء، نِعَم الخالق - جل شأنه - على الخلق، اهتمامنا بها وحفاظنا عليها مظهر من مظاهر العبادة لله المُنعم، تتغذى عليها أرواحنا وأجسادنا. إذا تنفست هواءً نقياً فقل له في قلبك، وإذا شربت ماءً نقياً فقل له في قلبك، وإذا تذوقت طعاماً طيباً فقل له في قلبك، وإذا أسبغ الله عليك الشفاء بعد تناول دواء جيد فقل له في قلبك.

ماذا تقول في قلبك، تناجي الله سبحانه وتعالى بالحمد والشكر والثناء لأنه المُنعم، وتُتمتم بتراتيل الدعاء والشكر لمن كان جديراً بالمسؤولية وكان القوي الأمين، الحقيقة لا يمكن تجزئتها، والحق عندما يُنطق به يحتاج إلى من يفهمه ويتفاعل معه، والحياة بغير حقيقة جلمود عذاب وغبار يُصيب الأنفس بالاكتئاب.
التقرير السنوي للهيئة العامة للغذاء والدواء لعام ٢٠١٤، كتاب مفتوح يُسمن ويُغني من جوع، لم يكن قصة عشق مزورة، بل كان محضر اعتراف بتحديات ومُعوقات، واسمحوا لي أن أكتب بالنص ما ورد في صفحته الأخيرة..

المُعوقات اللاتي تواجه هيئة الغذاء والدواء:
- تأخر صدور بعض الأنظمة الفنية اللازمة لأعمال الهيئة، مما يحد من قدرتها على القيام بمهامها التنفيذية والرقابية.
- عدم القدرة على استقطاب الكفاءات الوطنية الفنية، وصعوبة المحافظة على منسوبي الهيئة من الفنيين من التسرب.
- الطبيعة التخصصية الفنية لمشاريع الهيئة تزيد من صعوبة التعاقد مع مقاولين متخصصين، قادرين على تنفيذ وتطوير وتأهيل المباني ومحتوياتها في الوقت المحدد وبتكاليف مناسبة.

- عدم توافر المساحات الكافية في المنافذ البرية والجوية، مما يُعيق الهيئة عن توفير المتطلبات الفنية من مختبرات وأجهزة للقيام بدورها في تلك المنافذ.
مُقترحات الحلول كما وردت في تقرير الهيئة:
- التعجيل في إجراءات اعتماد ما تبقى من أنظمة فنية، لما لها من ارتباط وثيق ومباشر بصحة وسلامة المواطن والمقيم.
- اعتماد برنامج التشغيل الذاتي الخاص بالهيئة لمنحها المرونة الكافية لاستقطاب الكوادر المؤهلة.
- منح هيئة الغذاء والدواء مرونة أكبر في التعاقد مع شركات متخصصة لتنفيذ مشاريعها الفنية من داخل المملكة وخارجها.
- أهمية توفير المساحات الكافية والملائمة لحاجات عمل الهيئة في المنافذ البرية والجوية.

هنا يكمن المستوى العالي والاحترافي للمسؤولية، عندما تستعرض جهة (ما) إنجازاتها ومؤشرات أدائها، وهذا حق طبيعي من حقوقها، ولكن تضع أمام الرأي العام التحديات والعوائق وتقرنها بالحلول بكل شفافية ووضوح ومن دون مواربة أو مجاملة ومحاباة. هيئة الغذاء والدواء تُترجم بهذا التوجه الواضح الشّفّاف توجهاً عالمياً حضارياً، لأن مسؤوليها يحملون على عاتقهم أمانة عظيمة لتحقيق رسالتها، المتمثّلة في ضمان سلامة الغذاء، وجودة وفعالية الدواء، وسلامة وكفاءة الأجهزة الطبية والمستلزمات الطبية، من خلال بناء جهاز رقابي فعال.

مع ثُلة من كُتاب الرأي والإعلاميين الأعزاء، بحضور الطبيب الدكتور والكاتب القدير جاسر الحربش، سعدنا هذا الأسبوع بلقاء الدكتور محمد المشعل، الرئيس التنفيذي لهيئة الغذاء والدواء، وكبار المسؤولين فيها، ثلاث ساعات كانت كافية لنخرج بانطباع الاطمئنان والقلق.

اطمئنان على طاقات بشرية وطنية مؤهلة رائعة تقود أعمال الهيئة على مدار الساعة، تُشعرك بفيض الإحساس بالمسؤولية، على رغم تحديات حجمها ودقتها، وتشعب تداخلات الإجراءات والاختصاصات مع أجهزة أخرى.

أجاب المسؤولون في الهيئة على الأسئلة بكل صراحة ووضوح، تجولنا في أقسام الهيئة والقاعات الرقابية التي تعمل على مدار الساعة، واستمعنا إلى شرح مفصّل عن الخطة الاستراتيجية ومبادرات التطوير ومراقبة مؤشرات الأداء، ونظام التحكم الرقابي الفضائي، وأضاف كُل هذا المزيد من الاطمئنان على قيمة ومسؤولية التوجه التنظيمي والعلمي واللوجستي.

وخرجنا من باب مقر الهيئة المتواضع في مبناه، الكبير بمسؤوليه وموظفيه ومسؤولياته وأدائه وفق الإمكانات المتاحة له، خرجنا جميعاً ونحن نحمل في ضمائرنا مسؤولية التفاعل والدعم لهيئة تعمل ليل نهار، لتحقيق رسالتها النبيلة المتوجة بأمانة الحفاظ على غذائنا ودوائنا، خرجنا ونحن نحمل الأسئلة ذاتها التي دونتها الهيئة في تقريرها السنوي حول المُعوقات التي تواجهها والحلول التي وضعتها، وتتطلع لتحقيقها بدعم ومساندة أجهزة حكومية.
ونضع آمالنا وتطلعاتنا مواطنين ومقيمين أمام المسؤول الأول عن الهيئة، الأمير محمد بن نايف ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للغذاء والدواء، وهو الرجل الجدير والكفء القادر - بعون الله وقوته - على تحويل المعوقات التي تواجه الهيئة إلى حلول تمكينية لممارسة أعمالها وفق الآليات والمؤشرات العالمية.

* نقلاً عن صحيفة "الحياة"