اكتشاف الذات.. طريقك للنجاح والقدرة على التعامل وفهم الآخرين
يعد اكتشاف الذات وتوجيه مكامنها ومقوماتها نحو تحقيق نمط بنائي لتنمية الإنسان بما يتناسب وقيمة تلك المكامن? يعد فنا، قليل من الناس يجيدون التعامل معه. فالكثير يجهلون مقوماتهم الداخلية وبالتالي لا يستطيعون توجيهها نحو الطريق الصحيح? الأمر الذي يولد خللا قد يجرف الإنسان عن طريق النجاح ويجعله تائها. والتكوين البنائي للإنسان يبدأ في التبلور من المراحل الأولى من الطفولة? وتمثل مرحلة الدراسة بداية التكوين العقلي للإنسان? حيث يدخل الطفل في هذه المرحلة ومعه كم هائل من تراكمات الأسرة? وسرعان ما تبدأ دائرته في الاتساع لتشمل زملاء الفصل الجدد والمعلمين? وغيرهم من الذين يمثلون عناصر جديدة تدخل في تكوينه البنائي خارج إطار الأسرة الضيق والذي خرج منه لتوه . الحافز هو الأساس وتبدأ مكامن الطفل في البروز بمجرد أن يدخل إليه المعلم في اليوم الدراسي الأول? فإجابات الطفل حول الأمور العادية المحيطة به كاسمه ومكان سكنه? وغيرها من الأسئلة التقليدية التي تواجه الطفل في يومه الدراسي الأول? تحدد وبقدر كبير إلى أي مدى يستطيع الطفل الاندماج في بيئته الجديدة والتعامل معها. والقدرة التعليمية للتلميذ تتحكم فيها عوامل عدة من أهمها: تداخل الأهداف الاجتماعية والأكاديمية التي تمثل الحافز الأساسي الذي يدفع الطالب نحو التلقي? ويعتبر الحافز أساس العملية التعليمية? بل البعض يعتبره المسيطر الأساسي على العملية برمتها. ويقول تريل بيل وزير التعليم الأمريكي الأسبق في هذا الصدد: هناك ثلاثة أشياء يجب تذكرها عند الحديث عن التعليم? أولها هو الحافز? وثانيها هو الحافز? وثالثها هو الحافز. ويتوقف تحقيق الأهداف الأكاديمية والاجتماعية على الإنجاز الذي تبنى نظريته على موضوعية الأهداف وواقعيتها وجدواها. ومثلما للعامل التربوي والتعليمي أثرهما في تكوين مكامن الإنسان ومقوماته? فإن العوامل الثقافية المحيطة كالدين والعادات والتقاليد والبيئة الاجتماعية لها أثرها أيضا? فتلك العوامل تؤثر في الإنسان ويتأثر بها سلبا أو إيجابا حسب مردود كل عامل ودرجة التأثر والتلقي. وهناك عامل آخر مرتبط باكتشاف الذات وتوجيه مكامنها ومقوماتها وهو العامل الاقتصادي? فالبيئة الاقتصادية أصبحت من العوامل الهامة التي تتحكم في مدى قدرة الإنسان على التعامل مع مقوماته الداخلية وتوجيهها الوجهة الصحيحة. فهم الذات أولا معرفة الإنسان لحقيقة ذاته شيء يقود إلى النجاح? وإلى القدرة على معرفة الآخرين والتعايش معهم? والإنسان الملم بحقيقة ذاته يكون دائما قادرا على خلق فرص الحياة المناسبة لنفسه? ويكون أكثر إيجابية في التعامل مع الآخرين. والحاجة لاكتشاف الذات تولدها الحاجة للوصول إلى أهداف تعليمية كانت أو اقتصادية? وهناك علاقة مباشرة بين الأهداف وتحقيقها ومكامن الإنسان، وتحقيق الهدف يكون دافعه الحافز? سواء كان ذلك الحافز ماديا منظورا أو معنويا أو غيره? وتحقيقه يكون مرتبطا بالقدرة الذاتية النابعة من معرفة صاحبها وإلمامه بها. وهناك الكثير من الناس يعيشون أوضاعا لا تعكس قدراتهم? أي أن ما يقومون به يكون أقل من قدراتهم الكامنة. والإنسان الناجح يعطي قيمة للقدرة أكثر مما يعطيها لها الآخرون? حيث تأتي هذه القيمة عند الإنسان الناجح كونها أداة أو مصدرا من مصادر الوصول إلى الأهداف، وتعتبر الأعذار الواهية التي يسبغها الناس من وقت لآخر على حالات الفشل التي تنتابهم نوعا من أنواع التحطيم النفسي أو تقييد الشخصية. ليس هذا مهما والإنسان الناجح يستطيع دائما أن يحدد قدراته وتوجهاته? ومن ثم يشكل حياته على أساس ذلك? فليس المهم الوصول إلى مركز ما? ولكن الأهم هو أن تكون مقدرات الإنسان متوافقة مع ذلك المركز? فليس كل قائد يمكن أن يكون مديرا وليس كل مدير بمقدوره أن يقود مجموعة ما? فلكل مواصفاته التي تبنى على مكامن شخصيته الداخلية، كما ينبغي على الآباء أن يقوموا بتشجيع أبنائهم الناجحين? ومنحهم الفرص للبحث عن ذاتهم واكتشاف مكامنها. مفتاح معرفة الله ويؤكد الإمام الغزالي أن معرفة الذات هي المفتاح الرئيس لمعرفة الله تعالى? طبقا للقول المأثور الذي يعرف ذاته يعرف الله? وكما يقول سبحانه وتعالى في محكم آياته سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم. وبطبيعة الحال لا شيء أقرب للإنسان من ذاته. وإذا قال الإنسان إنني أعرف ذاتي: وكان يقصد من ذلك المظهر الخارجي والجسم والوجه وبعض المظاهر الخارجية? فإن هذه المعرفة لا يمكن أن تكون مفتاحا لمعرفة الله عز وجل? لكن تكمن معرفة المرء الحقيقية بذاته في معرفة أمور منها: ما هو بالنسبة لذاته؟ ومتى جاء لهذه الدنيا؟ وإلى أين سيذهب؟ وما غايته من هذه الدنيا؟ وما الأمور التي تكمن فيها سعادته؟ وتلك التي تؤدي إلى شقائه؟. فإذا لم يتمكن المرء من معرفة هذه الأمور فلن يكون قادرا على أن يعرف أين تكمن سعادته? ولا أن يعرف ذاته.