للغيرة حدود!!
أن تشعر بالغيرة شيء وأن تمارس ذلك الشعور شيء آخر، فلو أطعنا مشاعر الغيرة التي تنتابنا بين الحين والآخر لدخلنا في نفق العذاب المظلم.. حيث لانبصر طريق العودة.. ولانحس بما نقوم به من إيذاء للآخرين.. عندما نحاول الهروب من أوجاعنا. الغيرة غير المعتدلة نار تتأجج في القلب، ينساب حميمها عبر دمائنا ليجعل من أجسادنا بركانا يثور كلما حركته تلك الغيرة، يخرج الكلمات قذائف ملتهبة.. والعجيب فينا أننا أحيانا نتساءل: ماالذي يجعل الآخرين يتضجرون منا، يسيئون فهمنا؟.. بل ويصل الأمر ببعضنا إلى رمي المتضجرين منا بالجهل، أو الغفلة، أو هكذا هو طريق الدعوة!!! إن كما لايستهان به من سلوكياتنا وقراراتنا تحتاج منا إلى مراجعة لنتأكد من مدى اتزانها، خصوصا مع تلك القضايا التي تلمس همومنا الدنيوية والتي نعلم تماما أنها لن تسلم من نيات أخرى غير تلك التي لله عز وجل. فكم اختلطت نية الغيرة لله مع الغيرة على الزوج (الزوجة) في قضايا حجاب المرأة، وخروجها من البيت. وكم اختلطت الغيرة على الدعوة وعلى سلامة صفوفها مع الغيرة على النفس أن يشتهر غيرها أو يحظى بالنفوذ سواها. عندما تختلط النيات وتكون الكلمات للغيرة غير المعتدلة يتهم الأبرياء وتمتلئ القلوب بالشحناء والبغضاء.. ترى الوجوه عابسة.. وإن ابتسمت فهي ابتسامة تشم منها رائحة الكذب، فهي عكس مايخفيه صاحبها، تفقد الكلمات مصداقيتها فلا تتجاوز مواقعها، تفقد الفتاوى قيمتها.. فكل يبحث عن فتوى تؤيد رأيه.. فتصاغ الأسئلة لتجعل العالم يفتيه بما يوافق هواه. صورة مؤلمة.. مفزعة.. فهل أدركنا مدى خطورة غيرتنا إذا ما أفلتنا لها العنان دون رقيب ومراجعة.. هلا راجعنا نياتنا فخلصناها من كل شائنة، وجعلناها لله وحده.