الإزاحة النفسية.. أسد علي وفي الحروب نعامة!!

في كثير من المواقف يصعب على النفس إخراج انفعالاتها على الأشخاص أو الأشياء التي أثارتها ويعود ذلك إلى أسباب متعددة منها: - ضعف الجرأة لدى الشخص. - كون الطرف المقابل ذا هيبة واحترام أو ذا سطوة وغلبة. - عدم مناسبة الظروف الزمانية أو المكانية. - كون المفاسد المترتبة على إبداء الانفعال أكثر من المصالح. فتميل النفس إلى حبس انفعالاتها تلك أيا كانت (غضب، خوف، انتقام) إلى أن تحين فرصة تنطلق فيها تلك الانفعالات المحبوسة لتخرج على غير الجهة التي كان يفترض أن تخرج نحوها (تزيحها النفس على جهة أخرى لا ذنب لها في ذلك أو أن ذنبها لا يدعو إلى ذلك الانفعال)، فتخفف النفس بتلك الإزاحة من انزعاجها وتخرج ما تراكم في داخلها من مشاعر وانفعالات لم تستطع كظمها وتناسيها لتحافظ على توازنها وتتخلص من شعورها بالضعف والعجز. أمثلة: 1- موظف يغضب من رئيسه لشدة قسوته وحدته ولا يستطيع مواجهته فيكبت غضبه ويحجبه عن رئيسه ثم ما يلبث أن يفرغ غضبه على أحد المراجعين أمامه فينفعل عليه ويغضب منه دون سبب واضح أو لسبب تافه لا يدعو لذلك. 2- زوج يغضب من زملائه في العمل وينزعج من تصرفاتهم ولا يستطيع الذب عن نفسه فيعود إلى البيت غضبان قلقا متوترا وما إن يدخل بيته ويختلف مع زوجته على أمر يسير إلا ويبدأ يفرغ حمولة مشاعره على رأس زوجته. 3- زوجة تجد من زوجها شدة في التعامل وقسوة وغلظة وهي تخافه ولا تقدر على مواجهته وكل مرة تختلف معه يغلبها ويؤذيها بقوله وفعله فتزيح مشاعر السخط على رؤوس أولادها بالضرب والشتم دون أن يكون لهم في ذلك ذنب يستحقون عليه تلك العقوبة. 4- طفل يغضبه أخوه الكبير ويأخذ لعبته وهو لا يستطيع الانتصار لنفسه فيزيح غضبه على أثاث البيت يكسره ويخربه.. أو على أخيه الصغير. 5- طالب يعاقبه المعلم بسبب سوء خلقه فيذهب يصب سخطه على أثاث المدرسة أو على دفاتره أو كتبه. المكثرون من الإزاحة هم في الغالب المتصفون بضعف النضج الانفعالي (وهذا طبيعي لدى الأطفال) ونقص القدرة على الصراحة والمواجهة والحزم وهم غير قادرين على كظم الغيظ تماما والعفو عن الناس ويريدون إثبات أنفسهم عند غيرهم لكن ليست لديهم الجرأة الكافية لذلك، فيستعملون الإزاحة للتخفيف عن معاناتاهم الداخلية ولا يراعون وضع من يفرغون عليه غضبهم وامتعاضهم. قال تعالى: ولا تزر وازرة وزر أخرى الأنعام: 164، وقال تعالى في الحديث القدسي: يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا، رواه مسلم. وقال صلى الله عليه وسلم: ولينصر الرجل أخاه ظالما أو مظلوما، إن كان ظالما فلينهه فإنه له نصر وإن كان مظلوما فلينصره رواه مسلم. فالإزاحة وإن كانت حيلة نفسية قد تمارسها النفس دون شعور فإن الظلم الناتج عنها مضر لها ولغيرها ولذا لا ينبغي ترك الإزاحة تأخذ مجراها على رؤوس المظلومين. وإلى وقت قريب كان الثأر بالقتل بين بعض القبائل يزاح أحيانا على شخص لا دخل له بالمشكلة ولكن تطاله يد الاعتداء لسهولة الوصول إليه والانتقام به. وقريب من هذا ما يفعله أعداء المسلمين بالنساء والأطفال والشيوخ حينما يصبون عليهم جام غضبهم انتقاما من غيرهم من الرجال. وتكثر الإزاحة في النظام العسكري الحديث الذي لا يتيح للمرؤوس فرصة إبداء ما عنده لمن هو فوقه ولو كان ظالما له أو قاسيا عليه مما يجعل المرؤوس أحيانا ينتقم من قهر النظام بإخراج ما في نفسه من غيظ، على الذين هم دونه في السلك العسكري أو بعض المدنيين، وهكذا تتوالي الإزاحات من جيل إلى جيل.