الخصخصة لا تكفي لإصلاح الرياضة عندنا

بانتهاء المسابقات الرياضية هذا العام يجب التوقف طويلاً أمام المستوى العام الهزيل الذي ظهرت به أندية كرة القدم البارزة فضلاً عن الاندية الأقل إمكانية.. والأضعف حالاً..

•• هذه المهمة المعقدة لا يتحمل مسؤوليتها اتحاد كرة القدم فقط.. وانما تتحملها الهيئة العامة للرياضة بصورة أساسية.. وعليها أن تكون صارمة في التعاطي مع الأسباب الحقيقية الكامنة وراء المشكلات الحادة التي تعاني منها الأندية جميعا كجزء من المراجعة الشاملة التي تقوم بها المملكة الآن لتصحيح الكثير من الأخطاء.. والممارسات التي أضرت بسمعة المملكة وصورتها في الخارج.. فضلاً عن تعاظم الاستياء الجماهيري في الداخل مما يجري داخل جميع الاندية دون استثناء..

•• هذا الكلام الذي أقوله الآن قد يدفع البعض الى القول.. ان هذا الواقع الرياضي المزري وإن كان صحيحاً.. إلا أن الهيئة العامة للرياضة على وشك إصلاحه من خلال خصخصة الأندية.. وإخضاع أوضاعها لقواعد اقتصادية بحتة..

•• وبدوري أقول لهذا البعض.. ان الخصخصة التي نتحدث عنها ما زالت مشروعاً.. وان معالجة اوضاع الرياضة تحتاج قبل كل ذلك الى وضع نظام عام يؤخذ فيه رأي الخبراء والمواطنين.. يقنن شروط العضوية.. وينظم عمليات الانتخاب لمجالس ادارات الأندية.. ويحدد مدى الحاجة الى وجود أعضاء شرف.. ويوضح حدود صلاحيات كل فرد فيهم.. كما يضع مواصفات دقيقة لاختيار المدربين.. وفرق العمل المصاحبة لهم.. ويحدد العلاقة بين الإدارة.. والمدرب.. وبينهما وبين اللاعب وبما يضمن تطبيق شروط وقواعد الاحتراف وحقوق كل من النادي واللاعب وضمان تنفيذ تلك الحقوق.. وأداء الواجبات والالتزامات.. وكذلك العقوبات المترتبة على كل طرف بعيداً عن الاجتهادات والمجاملات التي تُدار بها الاندية بعيداً عن أي معايير تكفل العدالة بين الجميع وتحول دون سيطرة المزاجية والتفرد بالقرار وتجاهل كل الأنظمة والقواعد المرعية وضياع الرياضة بيت اتحاد الكرة والهيئة العامة للرياضة..

•• هذا النظام.. أو على الأقل ملامحه لا بد وان يُعلن في وقت مبكر.. حتى يكون ملزماً لكل من يفكرون في دخول الوسط الرياضي مستقبلاً مستثمرين.. أو إداريين.. أو فنيين.. أو لاعبين.. أو مساعدين لأداء الخدمات اللوجستية المختلفة.. وكذلك من أجل ان يطمئن الرأي العام على مستقبل الرياضة.. لكي يحدد موقفه منها.. ويساهم بإعطاء الرأي فيها..

•• هذا المطلب المهم توجبه الأخبار والمعلومات المؤسفة التي نشرت في الآونة الأخيرة عن الديون الكبيرة على معظم الأندية وأكثرها دخلاً فكيف بالأندية الصغيرة بعد ذلك..

•• وكذلك ما رشح عن تلك الأندية من اسرار ومعلومات عن الممارسات التي تتم بداخلها.. وعن الخلافات التي تستعر فيها بين ادارات الأندية وأعضاء الشرف.. وبين ادارات الأندية والمدربين والطواقم الفنية.. وكذلك عن القرارات "العنترية" التي اتخذت في بعضها ولا سيما بالنسبة لاختيار المدربين.. ثم إلغاء عقودهم بعد فترة قصيرة من الزمن وتحمل الأندية لدفع تكاليف شروط جزائية باهظة.. بسبب التفرد باتخاذ قرارات مفصلية كهذه.. ودون مساءلة أو محاسبة من احد..

•• وإذا أردنا الذهاب بعيداً.. فان هناك الكثير من الممارسات والأخطاء التي تقع داخل بعض الأندية مما لا يمكن القبول به أبداً.. أو السكوت عليه.. أو الاطمئنان معه على ارسال ابنائنا اليوم وبناتنا غداً إلى أندية لا تتوفر فيها ضمانات كافية للحفاظ عليهم.. والمساهمة في بناء شخصياتهم على نحو صحيح..

•• وما أتمناه هو ان يتم تصحيح هذه الأوضاع وغيرها.. من وراء التوجه نحو خصخصة الاندية.. وليس فقط بالتركيز على تحسين مداخيل الأندية فقط.. وذلك لوضع حد للتسيب.. والإهدار.. وحالة الفلتان.. والفردية في اتخاذ القرارات.. ولغياب الخبرة الإدارة.. والفنية الكافية.. وإلا لما رسفت انديتنا الكبيرة في هذا القدر الضخم من الديون.. والمشكلات.. والتعقيدات.. ولما احتجنا الى المطالبة بمحاكمة من تسببوا في تلك الأوضاع المؤسفة التي جعلتنا نظهر بصورة غير مشرفة في المسابقات المحلية والاقليمية والدولية.. فضلاً عن أنها قصرت جهود انديتنا على كرة القدم.. وحتى على الفريق الأول بكل نادٍ.. وكأن الآخرين ليسوا جزءا من النادي.. ليس فقط عند ادارات الأندية وانما عند الجماهير ايضاً.

ضمير مستتر:

•• لا يُصلح أحوال الأندية.. سوى غربلتها.. وإخراج الغرباء منها ومحاكمتهم.. وإدارتها بعد ذلك بمهنية عالية..

بقلم: هاشم عبده هاشم - الرياض