الحوثيون ليسوا سواء

 كانت أولى حروب عبدالملك الحوثي وعصابته (أنصار الله) مع أبناء مذهبه من قبائل صعدة. هدم البيوت وقتل المعارضين والنهب. وآلت له الأمور في ظل غياب الدولة المركزية فتحوثت كثير من القبائل إما طمعا في مالٍ أو منصب أو خشية بطش المليشيات الحوثية المدعومة من إيران.

استغل علي عبدالله صالح الوضع وأراد خلط الأوراق وشغل خصومه ببعض ليضعفهم جميعا، وقد راهن على أنه سيكون الأقوى في النهاية. فتمرد الجيش وسلم المدن للحوثيين خصوصا بعد سقوط عمران التي شهدت تدميرا وقتلا وتهجيرا. كان هناك تحالف غير معلن مع الحوثيين في البداية إلا أنه اضطر للإعلان بعد أن تكشفت الأوراق مع بداية عاصفة الحزم. أطلق التكفيريين من السجون ليكونوا شوكة في خاصرة المقاومة والتحالف والجيش الشرعي.

كان الحوثيون يرفعون شعارات براقة بدءاً بالمسيرة القرآنية ومرورا بالمشاركة السياسية وحرب الفساد. ولكن بعد أن خضع شمال اليمن وجنوبه وغربه للحوثيين لم تتبلور أي من هذه الشعارات ولم تترجم للواقع بل تحول أعضاء المسيرة القرآنية إلى أفراد عصابات يقتلون ويسرقون ويختطفون (حسب وصف عضو مجلسهم السياسي السابق علي البخيتي).

في البداية كانت جرائمهم تتجه للخصوم المعروفين والخصوم المحتملين. ثم تعدت ذلك إلى المستقلين من أبناء اليمن ثم إلى الحوثيين ممن لم يعد يحتمل المزيد من الذل والجريمة التي كان يمارسها الحوثيون.

أما في المناطق التي قاومتهم فقد قصفوها ليل نهار وقتلوا الأطفال والنساء والشيوخ وهدموا الضيع. وحاصروا بعضها حصار الشِّعْب. كانوا يتعاملون مع أبناء اليمن كأعداء ولايعيرون اهتماما لمدرسة أو سوق أو مستشفى فقد كانوا يتعمدون قصفها. وتخصص قناصة الحوثيين بقنص الأطفال والنساء والصحفيين.

ولأن اليمن تقريبا كانت تغطيه وسائل إعلامهم فقط بعد أن أغلقوا كل القنوات وسجنوا الإعلاميين، وفي ظل ضعف تغطية إعلام الحكومة الشرعية تمكن الحوثيون من تسميم الجو اليمني وشحنه بالأكاذيب حول انتصارات وهمية ونسب جرائمهم لخصومهم. ولكن هذا التعاطي الإعلامي الخاطئ كشفهم حتى لمناصريهم. فبدأت الانقسامات وبدأ الحديث عن الشرعية وعن ضرورة تطبيق قرارات الشرعية الدولية.

وهنا من الضرورة أن ندرك أن الحوثيين ليسوا سواء ففيهم من لايعجبه الوضع وفيهم من يريد أن يضمن له ولقومه موطئ قدم في يمن المستقبل. ومنهم من ضاق ذرعا بعبدالملك الحوثي خادم أحفاد زرادشت من خامنئي إلى سليماني إلى رفسنجاني.

بقي على الحوثيين أن يدركوا أن مستقبل اليمن أهم من مغامرات عبدالملك الحوثي وأسياده الفرس، وأن مصلحتهم مع الشرعية ويتحركوا في هذا الاتجاه.

وبقي على المؤتمر أن يتجاوز الأشخاص إلى المشاركة في بناء اليمن والوصول إلى حالة أخف الضررين.

وعلى الإصلاح أن يتخلى عن أوهامه بأنه يمثل الله في اليمن، وأن يستقل عن الجماعات الإرهابية.

أما الشرعية فلا بد أن تنظر لليمنيين جميعا على أنهم أبناء وطن واحد وتضمن حقهم في التنمية وتكافؤ الفرص، وأن تستثمر في المجالات التي ستساعد على جعل اليمن من أغنى بلاد العرب بدلا من أن يقبع في ذيل قائمة الدول الأفقر.

بقلم: د. محمد ناهض القويز - الرياض