السيلفي الأشهر لـ«وزير سعودي»

سيكون وزير تعليمنا الجديد صاحب أشهر سيلفي على صعيد حاملي الحقائب الوزارية فضلاً عن أن يكون أولهم، أراد الولوج لذهنية المواطن ورسم الانطباع الأول من البساطة والتيسير على رغم أن الوزارة لن تكون بسيطة ولا يسيرة، بل هي ستستنزفه حد الغرق هي ونظيرتها الصحة، تناول الشارع السعودي لهذه المغامرة حديثة الصنع تناول يحمل في طياته تفاؤلاً أحسبه في رأي شخصي بحت تفاؤلاً باكراً جداً، لأن المشوار لم يبدأ بعد، فوزيرنا الشاب يعلم تماماً أنه قادم لمهمة شاقة وشاهقة، وأن كل الذين باركوا وصفقوا وطاروا مع حضوره الاجتماعي والشعبي المختلف لم يستوعبوا بعد ماذا يعني دمج وزارتين في صرح واحد، وكم من التحديات القادمة المنتظرة في الطريق، وكم يلزم من الصبر والقوة والوضوح الرؤية من أجل إنجاح وإنضاج فكرة وليدة مفاجئة كفكرة الدمج؟ أكثر المتفائلين والفرحين لإطلالة الوزير الأولى والباعثة فيهم للبهجة والانتشاء هم من فئة المعلمين، لأنهم استعادوا من ذاكرة أيام قريبة مضت أن عزام الدخيل وهو مجرد من لقب وزير كان متعاطفاً معهم، مؤمناً أنه المكوّن الأصعب في مشهد التعليم في البلاد، ليحفظوا كل ما كتبه وزيرهم كما لم يحفظوا شيئاً من قبل.

ربما أن في الحماسة العاجلة والعاطفية البحتة مع سيلفي الوزير وحكاية عدم ارتدائه وغيره من الوزراء للسيد «البشت» دوراً في تسطيح الدور المطلوب من المسؤول وكأن العلاقة بين المواطن المخدوم والمسؤول الخادم هي في الأصل علاقة محتقنة متشنجة، وتتطلب نزولاً عاصفاً للمسؤول من برجه العاجي الذي صنعناه بأيدينا حين قفزنا بأحداث عابرة تلقائية عادية لمصاف بواكير الإنجاز والفعل الاستثنائي الحاسم للنتائج المنتظرة.

شكراً لوزير التعليم.. إن كسر بروتوكول الوزراء سيحسب له نقطة صغيرة منسية مع مرور الوقت إن لم يكن يرافق هذا الكسر ملامح ملموسة للتغيير والفعل والتفاعل والتواصل والشفافية وملء المكان بما يصنع منه وزيراً استثنائياً في خريطة التعليم، ولا أظن ثمة ما ينهك أي وزير قادم لحقيبة ممتلئة الملفات والأوراق والمطالبات سوى الفلاشات المتجاوزة للمتوقع والمعتاد، في ظل أن جو التواصل الاجتماعي الحالي ممهد للعمل بالنيابة عن إدارات الإعلام في كل وزارات الدولة، وداعم وناقل للصورة بما تيسر من المرفقات والشروحات الصائبة والخاطئة ويصنع من سطور الهامش ما يصلح لأن يكون عنواناً بالغ الجاذبية والطمأنينة.

قد ينشغل المساهمون في صناعة قرارات التعليم وإحداث الفارق لتقليد وزيرهم في الأمور الميسرة، فيما من تحتهم على خط الانتظار والترقب لآمال طال ميعاد تحولها لواقع، لأن سرعة تفاعلنا العاطفي مع الضوء المبكر هي السبب الرئيس في أن نكون على قدر من الهدوء والنسيان وأن نتباطأ في مواجهة أي تقصير أو تقاعس نحو إعادة ترتيب الأولويات التي تتناثر في حقيبة الوزارة، البداية كانت مع مدرسة ابتدائية لم يدون في سجل حضورها وانصرافها غائب واحد في ظل الزيارة المفاجئة، وإن كنت لا أؤمن بالزيارات المفاجئة في زمن الاتصال الخاطف والرسالة الأسرع منه، لتظل الأماني المطروحة أمام عيني وزير التعليم وهي في خانة المستحيل بزمن مضى أو بعيدة عن يد التناول والتدقيق والمراجعة والمعالجة بمثابة السيلفي الأكثر رسوخاً في ذاكرة جيل، فالصور المعترضة يكتب لها النسيان المرحلي، لأنها وليدة اللحظة المرتبة ولا تفيد الذاكرة بشيء، فقط ستتم استعادتها للمقارنة والتأمل بين أول يوم في المشوار وآخر في المنتصف أو مع عند حِدَة المنعطف الأخير.

نقلاً عن جريدة " الحياة"