كاتب سيرة.. استنفد كل أحكامه

غادر العام٢٠١٣م كغيره من الأعوام الماضية، وتحول إلى سيرة تُروى.. وتدوم.. سواء كانت على المستوى الشخصي، أو على المستوى العام، من الصعب مسحها أو تجاهل تأثيراتها.. السلبية، أو الإيجابية..!

عام مضى كغيره من الأعوام التي مضت قبله.. تخيل كل منا أنه يُمسك ببعض ملامحه، أو بعض تفاصيله، وقبلها تأكد أنه لا يزال باقيا داخله حتى وإن تبقت منه ساعات قليلة.. استمر مواصلاً ذلك الحلم الخائب وتلك الرؤية الهلامية.. بأن العام لايزال ممتداً.. وأن عقد الصلح معه لايزال قائماً.. وقد تتلاشى أزماته في لحظة سانحة وغير محسوبة
..!

تمضي الأيام باردة أحياناً كبرد الشتاء القارس، يزيد من قوة تلك البرودة فتور بعض الأيام، وتعذر الإجابات على كثير من الأسئلة التي أغلق العام أبوابه ولا تزال علامات استفهامها تُمارس فوضى استحواذهاعلى تفاصيل السطور
..!

تمضي بنا الأيام دون أن نتنبه أن سابقتها دخلت في ماهو معلوم.. وماسيأتي لن يغير من وجوده أو ملامحه ولن يتصالح معها بعد أن أصدرت أحكامها
..!

مضى عام قاسٍ على المستوى العام لكل عربي يتلمس على الأقل هموم أمته ويعبر بها إحساساً وليس تفاعلاً على الأقل
!

دماء تنزف.. وبدلاً من تجفيف منابعها، نجدها تتدفق كل يوم من أمكنة لم يعد بالإمكان حصرها
..!

سياسة عربية يملؤها الضجيج الفارغ، ولكنه لا يمنحها تسجيل نقاط لصالح أفراد مجتمعها، بل إن هذا الضجيج يتحول في الغالب إلى مد هلامي يُغرق كل المسافات، دون أن يحصد أي شيء
..!

راديكالية مؤلمة تستفذ كل أحكامها، ولا تخجل من تنفيذها دون محاكمة، أو حتى الانتباه إلى الآخر في ظل سيادة ثقافة استخدام القوة من قبل المستقوي.. والذي لا يمتلك الحق، على من يملك الحق ولكن لا يملك القوة
..!

عام مضى كعادته كان جائراً على الضعفاء، والبسطاء، والفقراء، والمحتاجين، والأطفال، الذين أذاب الثلج أطرافهم، وتبادلنا صورهم متألمين يقتلنا الوجع، لكن ظل أغلب ما قمنا به هو ذلك الألم الذي توقف على حدود العجز، وعبرت تلك اليوميات دفعة واحدة.. وكأنها دراما مرعبة فاز فيها على عكس نهايات الأفلام التي تقتل البطل الشرير وتنصف الخير على الشر كقاعدة، هذه المرة فاز الشرير وانتصر أشرار الحرب بعد أن أعلن المخرج أن للفيلم أجزاء أخرى ممتدة ولا يمكنه صناعة نهاية تنافي الواقع
..!

بدا ٢٠١٣ وكأن أيامه أكثر عدداً، وساعاته أكثر عمراً، كسرت مآسيها حاجز الحلم، أو الافتراض لتسجل سيرتها وكأنها العذاب المتصل والذي سيستمر إلى مابعد نهاية العام
..!

٢٠١٣
كان غانما من أوجاعنا، ومن آلامنا، التف علينا بنسائم مرارته، وصورته القاتمة والتي أغرقت أيامه وإن تبدلت، وتنوعت، لكن ظل معناها وتفاصيلها واحدة، وإن تنقلت من مواقعها..!

٢٠١٣مضى ومضت الحياة بنا أيضا متداخلة مع عدم التوقف الاختياري حتى في لحظات عدم القدرة على مواصلة الطريق..!

مضى العام حاملاً معه فصول تعثرنا وضعفنا وتلك الصفحات التي وضعها وكأنه كاتب سيرة متعجرف يعدُّها ليثير بها القارئ..!

مضى بتركته القاسية والتي نثر زجاجها تحت الأقدام ليغرقها في الدماء ولتواصل نزفها على حدود مرفأ عام آخر إن لم تستطع احتواء ذلك النزيف وإيقافه.. وتجاوز ألمه..!

غادر العام كسؤال واستفهام مفتوح ولكن قد نجد إجابته هذا العام في ظل أن نكون نحن الجواب
..!

وأن نكون نحن الأفضل وليس تلك السنة أو التي سبقتها أو التي ستأتي..!

علينا أن نبحث في داخلنا عن الفرق لنصنعه، ونشكّل أيامنا التي ستأتي، متجاوزين ماتختاره لنا الأيام، لنكون نحن من "يختار
"..!

تزيد السنوات رقماً كعادتها كل عام، لكن نحن وإن كنا نزيد معها أيضاً إلا أننا يفترض ألا نعطي نفس الصورة التي فرضتها علينا وإن كانت هي نفس الكاميرا التي تلتقط الصورة.. علينا أن نغير المكان، والزمان، وحتى صفحات الألبوم من منطلق أننا نحن من يتغير، ونحن من عليه أن يتغير.. وليس السنوات.. لنكتب أن السير والتفاصيل الصغيرة لنا "نحنُ" من نرويها.. نحن من علينا أن نروي وليس السنوات، التي هي في النهاية لا تخرج أن تكون غلاف هذه السيرة
..!

عام جديد.. عليكم أجمل.. وأفضل.. وأأمن.. تغلفه المحبة.. ويحتويكم سلامه
..!

نقلاُ عن جريدة "الرياض"