الضربة الاستباقية

تسمع عن الضربة الاستباقية.. ولكن هل جربتها؟ هل تتعامل معها كنظام حياتي تجيد فهم تفاصيله وكيفية التنفيذ عندما يستدعي الموقف؟

وهل تعتقد أنك تستطيع تنفيذها في الوقت المناسب؟

ونحن صغار كنا نسمع من يقول لشخص غاضب "اتغدى به قبل أن يتعشى بك" ولم نكن نفهم ماذا يعني أن تأكل شخصاً على الغداء وهو يأكلك على العشاء؟

وعندما كبرنا فهمنا أن ذلك يدخل في إطار تأطير العلاقات الإنسانية بمنظور أخلاقي ولكن بمنظور انتقامي تعني عليك أن تسبق الشخص الذي تختلف معه في اتخاذ ما تراه مناسباً لك وليس له المهم أنه يحفظ لك كرامتك وإنسانيتك..

ولا يجعلك تتألم طول العمر وتندم لأنك لم تتخذ الخطوة المناسبة التي تراها وتتفق معك وفي صالحك، وهي خطوة ليست بالضرورة أن تكون مناسبة للآخر المعني أو الآخرين، أو حتى تتماشى مع المعايير المتبعة..!

في الضربة الاستباقية ينبغي أن تحل الخبرة مكان الجهل بما أنت فيه وبما تقوم به، وأن تكون في الغالب قد خططت لما تريد أن تفعله، صديقة طلبت الطلاق من زوجها وكان ذلك مفاجئاً وعندما سألتها قالت: لقد تزوج امرأة أخرى؟

قلت لها وما المشكلة تستطيعين الاستمرار، قالت: أعرف زوجي من عشرين سنة وأعرف أنه سوف يطلقني ويتخلص مني بعد أن تغيرت معاملته لي وأصبحت في مرتبة متأخرة من اهتماماته، بل إنني شعرت في لحظات كثيرة أنني عبء عليه.. واحتراماً لنفسي وحفظاً لما تبقى بيننا من عشرة وأبناء سبقته بطلب الطلاق..

 وكانت المفاجأة أنه وافق بسرعة وكأنه كان ينتظر مني ذلك.. ولا تصدقين أن هذه الضربة الاستباقية التي اتخذتها كانت أهم ضربات حياتي لأنه لو سبقني لكنت تألمت؛ ليس بسبب الطلاق غير المبرر؛ ولكن لأنني لم أتخذ الخطوة الأولى..!!

في الحياة لابد أن تختار مكانك وأين تريد أن تكون؟ الضارب أو المضروب.. والمضروب مجازياً هو من يتلقى الضربة بدلاً من تسديدها وأحياناً يكون غير مستحق لها ويفترض أن يكون هو من وجهها ومع ذلك بقي في مكانه ليتلقاها دون ردة فعل واحدة..

ليس لأنه متبلد، ولكن لأن أغلب الضربات تأتينا دون أن نكون مهيئين لاستقبالها أو حتى قادرين على صدّها، أو متحررين من هول مفاجأتها، تضيق بنا المساحات عندما نتلقاها، وتبدو لحظتها وكأن صاروخاً موجهاً قد قصفك وشتت ملامحك، دون أن تأخذ حذرك منه، ومع ذلك هو لم يأتِ مصادفة، بل اختصر طريقاً توقفت داخله وكان ينبغي عليك أن تنهيه مبكراً وتغلقه بدلاً من التوقف في المنتصف باحثاً عن الأفق الممتد بهدوء لا يحتمل التوقف، بل المغامرة باتخاذ الخطوة المناسبة أو الضربة الاستباقية..!!

بقلم: نجوى هاشم - الرياض