«جدارة» والفرص الحكومية

بدأ موقع جدارة في استقبال طلبات التوظيف للسيدات والرجال، وتعطي الإحصائيات المبدئية الانطباع الذي ساد لسنين طويلة اعتمد فيها الاقتصاد على الوظيفة الحكومية. 

تقول إحصائية إن المتقدمات على ما يتجاوز ألف وظيفة نسائية تعدى حاجز المائة ألف. الحال نفسها ستتكرر مع المتقدمين من الرجال، والأكيد أن هذا الموقع سيستقطب أعدادا تتجاوز المعدلات التي حققها سابقا بسبب مهم وهو تناقص عدد الوظائف المتاحة مقارنة بأعداد الخريجين والخريجات. هذه الإشكالية التي تواجهها وزارة الخدمة المدنية بالدرجة الأولى أمر حتمي مع عدم الانفتاح للوظائف المتاحة في القطاع الخاص، ولكن لماذا؟ هذا السؤال المهم لا بد أن يشغل بال وزارة أخرى وهي وزارة العمل. 

السوق التي تستوعب أكثر من 12 مليون شخص، لا تستطيع أن توفر فرصا كافية لمليوني مواطن وهو أمر يدعو لإعادة النظر في مفاهيم التوظيف والعلاقات الوظيفية والرسوم المفروضة على من يوظفون الأجانب، وفي نهاية المطاف التفكير في التعويضات المالية ومدى ملاءمتها للوضع الاقتصادي بشكل عام. 

على أن فرض ضريبة الدخل على الشركات سيسمح مبدئيا بالتعرف على النسب التي تحققها القطاعات من الأرباح مقارنة بما تصرفه على موظفيها، وهذا أمر ضبابي في المرحلة الحالية بسبب عدم وجود القواعد المحاسبية الدقيقة التي تمكن من بناء سوق عمل منطقية تضع في الاعتبار كل المكونات الموجودة في السوق. 

العمل الذي تبذله الجهات الرقابية والتشريعية وهي تحاول أن تحقق معادلة الربط المنطقي بين الأجور المقدمة لمختلف عناصر القوى العاملة في البلاد بوسائل كثيرة ــ منها ما هو بحاجة إلى إعادة النظر بسبب تضرر القطاعات الخدمية خاصة منه، ومنها ما حقق نجاحا للسوق بشكل عام. 

هذا الجهد يحتاج إلى مزيد من التقنين والربط المنطقي الحامي للمكون الأهم في سوق العمل وهو المواطن. لعل الهدف النهائي ــ وهو تقليل الفجوة الحاصلة بين من يوظف المواطن ومن يوظف الأجنبي من خلال كثير من الدعم لعمليات التوظيف ــ قابل للتحقيق عندما تتعاون الوزارتان في وضع ما يربطهما موضع الدراسة والتمحيص والنقاش ليكون تحقيق الهدف أقرب، لما يملكه كل منهما من خبرات وصلاحيات مهمة لحماية سوق العمل وتمكين المواطن. 

من دون فرق العمل المتواصلة والجهد الدؤوب لن يتحقق أي من ذلك.

بقلم: علي الجحلي - الاقتصادية