تطوير نظام الخدمة المدنية

أهم ما شدني في الخبر الذي قرأته هو التغير الجذري في منظور وزارة الخدمة المدنية وفتحها الباب للجميع للمشاركة في تقويم أدائها وتقديم المقترحات لتطوير نظام الخدمة المدنية الذي مضى على تطبيقه عقود عديدة. إن ملامح الوزارة الجديدة واستعدادها لفتح ملفاتها ومناقشة الصعوبات التي تواجهها بداية جيدة يمكن من خلالها تحقيق إنجازات مهمة لمصلحة الموظف والجهة التي توظفه.

يتذمر الجميع من النظام ويتهمونه بالقدم وعدم التفاعل مع الواقع والتطورات في البنية العامة للوظائف في المملكة ونوعية الأدوار الوظيفية وكيفية التعامل معها، وهذه كلها تستحق الدراسة والتمحيص والتحديث بما يفيد العمل العام ويضمن حسن الأداء. هناك وظائف لم يعد لها حاجة، ووظائف أخرى لا بد من استحداثها. التصنيف والأنظمة الأخرى المتعلقة به حتى تقويم الأداء الوظيفي بحاجة إلى نظرة فاحصة متفاعلة مع الواقع.

يمكن أن نتوقع كثيرا من الورش التي عقدتها 17 جهة حكومية خلال أسبوع كامل، ذلك أن المشاركين هم الأكثر تأثرا بواقع النظام والعوائق الموجودة فيه والنقص الحاصل في التفاعل بينه وبين واقع الوظيفة العامة اليوم. التحديثات التي صدرت وتصدر على اللوائح ما زالت بحاجة إلى توحيد وإعادة تأسيس على شكل نظام متكامل أقرب ما يكون للنجاح والتطبيق الفاعل.

من نافلة القول أن نتحدث عن أمور كثيرة مثل التوظيف واحتساب المؤهلات والترقيات واحتساب النقاط وأمور أخرى لها علاقة بمستقبل أي منشأة تطبق النظام، لكننا ــ بالتأكيد ــ بحاجة إلى إعادة وصف الوظائف وتفنيد مهامها بالاعتماد على وسائل عالمية معروفة يمكن أن تسهل المهمة وتحقق الغرض الحقيقي للتطوير.

أتوقع أن من أهم المتطلبات اليوم تعميم الوظيفة حيث يمكن أن يتنافس عليها أكبر عدد من الموظفين المستحقين، وتكون للجهة أحقية ترقية من يحتاج إليهم العمل بدل أن يحصل على الترقية صاحب الحظ الأوفر بحكم المسمى الوظيفي، وهي من القضايا التي يمكن من خلالها استخدام مسميات عامة كمهندس، وكبير مهندسين، ومهندس مشرف وغيرها بما لا يرغم القطاع على مسمى أو تخصص معين، وكذا يمكن التعامل مع بقية الوظائف والسلاسل والتصنيفات التي تبنى على حاجة العمل وليس استحقاق الأشخاص بالعناصر المذكورة، وهذا الأساس يمكن أن يخدم في خفض الحاجة إلى التحويرات الوظيفية التي تقلق الإدارات وتشغلها.

بقلم: علي الجحلي - الاقتصادية