إجازات بلا حوادث

آلمني حديث صديقي عن مساء يوم عزى فيه خمس عائلات فقدت فتيانا لم يتجاوز الواحد منهم مرحلة التعليم الثانوي. انتشر خبر الحوادث مع بداية الإجازة الدراسية لتصبح حديث الناس في كل المجالس.

يبدو أن كل إجازة تحمل مزيدا من المآسي، وكما قالت الوالدة غفر الله لها، أصبح الواحد ما إن يصحو من النوم حتى يتجه للنافذة ليعد السيارات أمام البيت. هو أمر مأساوي لكنه حقيقة في مجتمع تعتبر حوادث السيارات القاتل الأول لسكانه.

ليس طبيعيا أبدا أن تقتل السيارات الناس، فهي هيأت لخدمتهم وتقريب ما بعد من متطلباتهم. الحوادث في أغلب دول العالم تأتي في المرتبة السابعة أو الثامنة في قائمة أسباب الوفيات، ما يعني أننا بصدد عدو خطير يقتل أبناءنا بأيديهم ومجهودهم بما يشبه الانتحار.

حتى الصحافة العالمية والقنوات تعرض مغامرات أبنائنا وهم يتجمعون في مواقع بعيدة عن عيون المرور ليمارسوا الانتحار والقتل لمن يراقبونهم، بل إنهم في أحيان كثيرة يمارسون الهواية القاتلة على الطرق السريعة ليحولوا القيادة فيها إلى رعب يسيطر على كل من يمرون به. ما من أسرة إلا وقد عانت مصائب السيارات وما ينتج عن التهور من وفيات وإعاقات وإصابات. أزعم أن الجميع يوافقونني فالإحصائيات تؤكد ذلك. بلد لا يتجاوز عدد مواطنيه الـ20 مليون نسمة، يخسر من شبابه وصفوة أبنائه ما يقارب الـ30 ألفا كل عام أي أننا نفقد ما يعادل 100 ضعف النسبة العالمية بسبب الحوادث.

المصيبة الأخرى هي الإعاقات التي تبقي الطفل أو الشاب أمام والديه كل يوم، وتستمر مأساتهم تجالسهم وتشغل حياتهم، وتتسبب في الألم الذي عبرت عنه إحدى الأمهات بقولها: أسوأ ما أخشاه هو أن أموت ويبقى ابني على حاله هذه لا يجد من يعتني به. يبقى عدد لا يستهان به من المصابين حبيسي الأسرة في المستشفيات ما بقوا من حياتهم.

أقول إن دور المدرسة في مرحلة الامتحانات يزداد أهمية، وعلى مسؤولي التعليم إبقاء الطلبة داخل المدارس بالنهج اليومي نفسه الذي يسري عليهم قبل أيام الامتحانات، فقد يقلل هذا من الحوادث الخطيرة وقت الامتحانات.

كما أطالب المرور بمزيد من العقوبات والرقابة بالكاميرات وغيرها من الوسائل وتطبيق الأنظمة بكل صرامة فيما يتعلق بالسرعة وقطع الإشارات، أما الأسرة فإليها يتجه الحديث غدا بحول الله.

بقلم: علي الجحلي - الاقتصادية