خروج «موبايلي».. جرس إنذار

إعلان شركة اتحاد اتصالات "موبايلي" إنهاء عقد الرعاية المبرم بينها وبين ناديي الهلال والنصر بنهاية الموسم الجاري يمثل جرس إنذار خطير، ليس للناديين وحسب، بل لسوق الاستثمار الرياضي السعودي، إذ لم يكن متوقعاً أبداً أن يأتي قرار فض الشراكة قبل انتهاء العقد بينهم، وهو الذي كان قابلاً للتجديد، خصوصاً في هذا التوقيت الذي يشهد ركوداً اقتصادياً.

خطورة الأمر تتجاوز الشركة والناديين إلى الفراغ الذي يمكن أن يحدثه مغادرة شركة بهذا الحجم للسوق الرياضية، وهي التي تمثل ضلعاً قوياً من أضلاع قطاع حيوي هو قطاع الاتصالات، الذي يمثل أحد أهم القطاعات الاقتصادية في البلد، لاسيما وأن هذه السوق خسرت قبل أعوام قريبة بخروج شركة الاتصالات السعودية من رعاية الأندية وفعاليات كثيرة، وهي التي كانت حاضرة بثقل كبير عبر رعايات متنوعة، قبل أن تقلص هذا الحضور بشكل لافت وملموس، ومثلها في ذلك شركة "زين" التي رعت الدوري قبل نحو ستة أعوام قبل أن تغادر قبل عام من نهاية العقد.

فقدان سوق الاستثمار الرياضي للأضلاع الأقوى والركائز الأساسية لقطاع الاتصالات ليس أمر هيناً، بل ضربة قاصمة له، أياً تكن المبررات، وحتى لو لم يبدِ مسؤولو الهلال والنصر أي ردة فعل تجاهه، بحجة قدرتهما على تعويضه، خصوصاً مع فقدان التنوع في سوقنا الرياضية، التي تفتقد لوجود قطاعات أخرى حيوية، وأهمها القطاع المصرفي، الذي يتواجد بقوة في الأسواق الرياضية الكبرى في العالم، لإدراك أصحابه والعاملين فيه حيوية الأسواق الرياضية، ومثله في ذلك قطاعات أخرى كالمشروبات والأغذية والإلكترونيات، وهو غياب مؤثر ومقلق.

صحيح أن دخول كرة القدم السعودية نطاق الخصخصة في مقبل الأيام بعد قرار مجلس الوزراء الأخير ربما يلعب في مصلحة الهلال والنصر، وهما من الأندية الأكثر قدرة على النجاح بعد خصخصتهما، وذلك بتحللهما بنهاية الموسم من عقد "موبايلي"، والذي ربما يقوض حركتهما نوعاً ما في هذا المضمار مع انطلاق إشارة البدء بها، لكن يظل فقدان السوق لمثلث الاتصالات أمر يمثل ضغطاً على مشروع الخصخصة بشكل عام وعلى الاستثمار الرياضي بشكل خاص.

المؤلم في هذا الشأن أن إعلان فض الشراكة بين "موبايلي" والهلال والنصر مرّ بهدوء تام إعلامياً، وكأن الأمر طبيعي، خصوصاً من الإعلام، وكأن من غادر مجرد "بقالة" لا قيمة فعلية لها، وليست شركة بهذا الحجم، بكل ما تمثل من ثقل، إذ انشغل إعلامنا بصراعات الأندية، وقضايا التحكيم، وسباق المرشحين نحو كرسي اتحاد الكرة، وهو أمر يكشف عن اختلال واضح في التعاطي الإعلامي والذي لا يتواكب مع مرحلة الخصخصة المقبلة بكل أبعادها، وهو ما يجعلنا نطالب هذا الإعلام بأن يصحو من سباته لينهض مواكباً المتغيرات المنتظرة والتي تحتاج لإعلام حيوي متجدد يتجاوز أطروحات عفى عليها الزمن.

بقلم: محمد الشيخ - الرياض