رياضتنا إذ تتحول إلى صناعة

في أعوام قليلة ماضية ومع الانفتاح على المشهد الرياضي الدولي أصبحنا ندرك أن الرياضة العالمية باتت صناعة حقيقية بكل ما تعنيه من حالة نهضوية ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالتنمية، إذ لم تعد مجرد منصة هواية عابرة، ولا ساحة منافسة مجردة، لكن ظل فكرنا الرياضي مقيداً، وأدواتنا العاملة محدودة، بحيث لا يقويان على التعاطي مع هذه الصناعة الجديدة.

في اللحظة التي أمسك فيها الأمير عبدالله بن مساعد زمام مسؤولية الرياضة والشباب قبل نحو ثلاثة أعوام بدأت تباشير هذا التحول، باعتباره الشخصية الأنموذج للعب هذا الدور، فمسيرته الحافلة، وتجاربه العميقة، ورؤيته البعيدة تتوجه خبيراً في هذا المضمار، بما لعبه من أدوار مختلفة في جوانب رياضية عديدة محلياً ودولياً، فهو المسؤول الرياضي الذي أمسك بملفات عديدة قبل نيله هذه الثقة، وهو عراب الاستثمار المحلي عبر تجربته الرائدة في نادي الهلال، وهو أيضاً المستثمر الذي اقتحم مضامير الاستثمار الرياضي الدولي عبر شرائه حصة كبيرة في نادي شيفيلد يونايتد الإنجليزي إلى جانب استثماراته الرياضية المتنوعة الأخرى.

منذ يومه الأول في رعاية الشباب بات واضحاً حرص الأمير عبدالله على بناء قاعدة صلبة للرياضة السعودية قبل مد أي جسور جديدة فيها، لما تعانيه من هشاشة واضحة في بنيانها، وهو ما حدث بالفعل من خلال إعادة صياغة اللوائح القديمة، وصياغة لوائح أخرى جديدة، وهو ما مكنه من استظهار قرارات تتعلق بالجمعيات العمومية للأندية، وديونها، واستثماراتها، وأنظمة الحوكمة والإفلاس، عدا عن رفع مستوى الرقابة في المشاريع والصيانة التي شهدت معالجات مهمة، وحركة دؤوبة ومتسارعة في بيئة الملاعب وبناء المرافق.

في أقل من ثلاثة أعوام شهدنا تحولات جذرية في هيئة الرياضة وفي اللجنة الأولمبية، أهمها تحول الرئاسة العامة لرعاية الشباب إلى هيئة، وإعادة هيكلة القطاع الرياضي بإنشاء صندوق تنمية الرياضة، بما يحوي من ملفات كخصخصة الأندية، ودعم الألعاب الرياضية، وإنشاء حواضن لألعاب الهواية، إلى جانب تأسيس مركز التحكيم الرياضي بشكله الدولي، وبرنامجي النخبة، و"ذهب 2022" الرياضيين بما يحويان من تفاصيل.

هذا التحول المتسارع أنتج أخيراً قرار مجلس الوزراء بارتباط هيئة الرياضة تنظيمياً برئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، ومن تابع المؤتمر الإعلامي لرؤية 2030، واستمع لطرح الأمير محمد بن سلمان لما يخص الجانب الرياضي فيها، سيدرك الآن أن هذا الارتباط لم يأتِ صدفة بل إثر عملية ملهمة ومدروسة في مشروع صناعة الرياضة السعودية.

بقلم: محمد الشيخ - الرياض