تعليمنا والثقافة الوطنية

حديثي خلال الأيام الفائتة عن التراث الوطني وضرورة التركيز على حمايته ونشر مكوناته ودعم الفخر به، يأتي لسبب مهم وهو قناعتي الكبيرة بأهمية التمسك بالتراث والثقافة الوطنية في عصر بدأ شبابنا يفقدون فيه تلك الحميمية التي كانت تربط الجميع بالوطن وتاريخه وجماله.

لعل التوجه الكبير نحو السفر خارج البلاد جاء بالتعاون مع الهجمة الإلكترونية التي تحاصرنا في كل مكان وتبعد المسافة بين الأبناء وتراثهم ووطنهم وتاريخهم. الأبناء والبنات الذين يعيشون ما لا يقل عن ست ساعات كل يوم في المدارس يجب أن يجدوا ضالتهم الوطنية هنا في المدرسة.

مهم جدا أن تكون مواد معينة داعمة للتراث الوطني سواء التاريخ أو التربية الوطنية أو حتى التربية البدنية. يمكن أن تعود المدارس لسابق عهدها الذي كانت فيه منارات للدفع بالاحتفاء بالوطن وقيمه ومفاهيمه، هذه العودة يجب أن تكون مقننة ومبنية على أصول علمية تعين الطالب على تذكر أهمية الوطن وما يحويه من مكونات فكرية وثقافية وأخلاقية تصنع منه مواطنا مخلصا محبا لوطنه.

التوجه الخطير الذي تبنته كثير من المؤسسات التربوية في الدفع باللباس الغربي وأسلوب الحياة الأجنبية باعتبارها الوصفات السليمة للمواطن وما يحل كل مشكلاته ويرفع قيمته في المجتمع، لا بد أن يتوقف. تقنين الملابس والمواد المتعلقة بالنشاط الثقافي والتراثي، ودعم الورش والمسارح بما يسهم في تعريف الطالب بماضي وطنه ويربطه بالحاضر يسمح لنا في النهاية بأن نقول إن مناهجنا ومدارسنا مساهمة في دعم الثقافة الوطنية.

يعطي المسلسل الذي تحدث عن تراث غرب المملكة في جدة ومكة مثالا مهما جدا في التعريف بأهمية الثقافة الوطنية وكم تعلق المجتمع بها، بل إن المسلسل سمح بإيجاد حالة من الحوار الثقافي الذي ظهرت فيه مجموعة من المعلومات التراثية والثقافية التي يمكن أن يبنى عليها مسلسلات وأفلام أخرى وبشكل يناسب الفكر والقيم المجتمعية المعتمدة.

تصور عزيزي القارئ أن مدارسنا اهتمت بإيجاد مثل هذا العمل الفني، ودعمت الوزارة ذلك بجوائز سنوية يتم في نهاية العام إيصال أفضلها للمشاهد في كل مكان سواء من خلال المواسم الثقافية أو الإنتاج الفعلي على شكل أعمال فنية، أتصور أن هذا سيحقق الكثير من التفاعل الثقافي والمجتمعي الذي سيتحول إلى حالة من الاهتمام الحقيقي بتراث وثقافة الوطن، كل الوطن.

بقلم: علي الجحلي - الاقتصادية