عقوق الوالدين يبدأ من عقوق الوطن

تعددت لدينا أسباب الإرهاب، وأصبحت من كثرتها عبئا كبيرا على التفكير الذي يجتهد في فحص المسببات: البطالة سبب، المدرسة سبب، الأسرة سبب، الصراعات السياسية في المنطقة سبب، الترفيه سبب، تحفيظ القرآن سبب، الإسلام سبب، ولم يبق لنا إلا أن نقول إن وجودنا في هذه الدنيا السبب، والمشكلة في الأساس ان بعضنا لا يريد ان يتعامل مع الإرهاب كجريمة، وقد يكون الدافع حسن نية لدى البعض في تفسير أسباب جريمة الإرهاب، لارتباط الإرهاب في جانب منه في الدين، ومن هنا ظهرت اجتهادات تطالب بالتعامل مع الإرهابي كطفل ساذج مغرر به، لتنفي وصف الجريمة عنه، او بهدف تحصين بعض الأسماء الدينية المشهورة من التورط بهذه الجريمة، فطالب العلم الشرعي لدينا يتم التعامل معه بصورة مقدسه تضعه فوق الأخطاء وفوق الشبهات، وهذا المدخل الحقيقي للشيطان والجرم والجريمة، فتنزيه الأشخاص ثقافة أصيلة في مجتمعنا، خذ مثلاً الإرهابي ابن شويل الذي اعدم عدلا وشرعا، مازال هناك من يترحم عليه ويعتبره طالب علم مجتهدا أخطأ وله أجر الاجتهاد!!

كل الأسباب التي ندعي انها تقف وراء صناعة الجريمة الإرهابية، لم نضف لها سبب ضعف الانتماء للوطن وغياب الوطنية، بل هناك من القائمين على الدرس الشرعي لدينا من يعتبر الوطنية مفهوماً وثنياً إلحادياً، ورفعها فوق كل مستويات الانتماء فعل كفري يخرج من الملة، وكل من يطالب بتقديم الوطن على ما سواه يعتبر منافقا وعلمانيا أو شيخا مداهنا للسلطة، ضربنا كل قيمة محترمة ومنصفة للوطن، وجعلناه مصدرا للكسب والتربح، لا أرضاً للانتماء، حتى في متعنا وترفيهنا، نسقطه من حساباتنا، وأصبح مكاناً كئيباً للعمل، نترقب كل فرصة سانحة لمغادرته، وهذا الأمر يتساوى فيه الإرهابي وغير الإرهابي.

انظر اليوم الى انتماءاتنا المسيطرة على قناعاتنا ووجداننا تجدها قبلية ومناطقية ومذهبية، وقليل جدا منها الوطنية، الحرب على ثقافة الوطنية حرب ليست جديدة، ابتدأت منذ أحداث الحرم في الثمانينيات والحرب الأفغانية، فقد ترسخت في المدارس والمساجد والشوارع والمنازل، ان لا قيمة حقيقية لوطننا إلا عندما يشتعل ناراً في قضايا الأمة الإسلامية، وهذه الأمة ليست أمة المسلمين بل أمة التيارات الإرهابية التي تحرق الأوطان لكي تعيش.

قتل الأم على يد أبناء مجرمين حدث سبقه قتل الوطن في الضمير والوجدان، فإن كان هناك مطالبة حقيقية، فهي مطالبة تريد القصاص من كل من سعى لقتل الوطن في ضمير النشء سواء في دروسه أو أفعاله، فهؤلاء الأشرار إن لم نعدمهم أعدموا الوطن.

بقلم: مطلق بن سعود المطيري - الرياض