رجال الأعمال والسياسة

التجارة والسياسة مجالان يكمل بعضهما الآخر ان انفصلا في الممارسة عن بعضهما، هذا له ميدانه ورجاله والآخر كذلك، وان اتحدا في مجال واحد ألغى أحدهما الآخر، حسابات السياسي تختلف عن حسابات التاجر، فالسياسي يتقدم التاجر ولا يتبعه، وله حساباته في التاريخ والناس والعلاقات مع الدول،

 والسياسي يتوجه للجمهور كشركاء حقيقيين في المخاطر والمكاسب والتضحيات، لذلك غالباً ما تكون قراراته ملزمة في كل الظروف، أما التاجر فينظر للجمهور كمستهلكين لديهم مصالح وله مصالح، وفي النهاية لا بد ان يكون مكسبه منهم أكبر من مكسبهم منه.

في مصر العزيزة أيام الحكم السابق، حسني مبارك، جاء برجال الأعمال الى ميدان السياسة، تحت عنوان الإصلاح التنموي ومحاربة الفساد، وخلق فرص عمل وتحسين الخدمات التعليمية والصحية، فحضر فكر التاجر وغابت إرادة السياسي، فكانت القرارات تتمشى في الأسواق والمقاهي والمنتجعات السياحية،

فكل قرار يصدر لابد ان يحاكي سلعة موجودة في السوق، فتضخمت الأسواق حتى غدت أكبر من قدرة المواطن على دخولها، فانصرف الناس عن المتاجر واتجهوا لميادين الاعتصام، فلم تسمح قراراته الربحية في دخولهم للأسواق، والظروف المعيشية ضيقت عليهم المنازل..

في المملكة لا يتقدم التاجر على السياسي، فالقيادة السياسية هي وحدها التي تحدد علاقة الناس بها في كل مجالات الحياة، فوعي السياسي أكبر دائما من انتهازية التاجر، فكلما حاول التاجر ان يقترب من جيوب المواطنين، أبعدته القيادة عن ذلك مهما تكلفت ماليا في سبيل تحقيق استقرار حياة المواطن، بعض المرجفين اليوم يحاول دفع الناس نحو قناعات التاجر ليؤسس مناخا اقتصاديا جديدا يصب في مصلحة التاجر على حساب المواطن،

ولكن أصحاب هذا التوجه لم يقرأوا جيدا تاريخ هذا البلد منذ عهد الملك عبدالعزيز -رحمه الله- الى عهد الملك سلمان -حفظه الله، فالشعب عند القيادة هو رأس المال الحقيقي، وما سواه مكملات تنشط في ظروف معينة وتختفي في ظروف معينة، فجميع إجراءات التاجر المجحفة في حق المواطن لن تجد لها طريقا سالكا نحو حياة الناس،

لذلك هم مطمئنون وآمنون، مهما حاول التاجر ان يطل برأسه المملوء بالأرقام على الناس لن يستطيع الوصول إليهم، فالقيادة رأسها مملوء بالتاريخ العظيم وحب المواطن.

بقلم: مطلق بن سعود المطيري - الرياض