المرأة.. والأوهام الاجتماعية

احتلت المرأة السعودية مساحة كبيرة في شبكات التواصل الاجتماعي، مشاركة وناشطة في جميع قضايا المجتمع من إسكان وبطالة وحرب وتحديات اقتصادية وسياسية وثقافية، ماذا يعني هذا ؟ يعني ان عزلتها التي فرضتها عليها طبيعتها الأنثوية انكسرت، وخرج صوتها ورأيها للعلن، فعرف المجتمع ماذا تريد وماذا تطمح إليه وممَّ تخاف، فالمرأة في المجتمع اليوم مكشوفة الرأي والفكر والتوجهات نتيجة حتمية التواصل التقني الذي فرض على المجتمع بدون سابق انذار .

خروج المرأة للعلن في شبكات التواصل الاجتماعي لم يُثر امتعاضاً كبيراً لدى فئة الرجال أو استغراب أصحاب الأفكار المحافظة، فما يمكن ان يخشى على المرأة منه في العالم الافتراضي ينطبق تماما على الرجل، فقد تساوت المخاوف والتحذيرات، بل أن التحذيرات الموجهة للرجل أكثر من الموجهة للمرأة. كالتحذير من أصحاب الفكر الإرهابي المتصيد للشباب وغوايتهم وسحبهم إلى عالم الجريمة الإرهابية .. فأين الموضوع في عدم الخوف من مشاركة المرأة في قضايا المجتمع ؟

حالة الانفصام التي يمر بها المجتمع ليست الموضوع ذاته بل علته، فاحترام المرأة في تويتر ومشاركتها الرأي ، وتجنبها في الواقع، أمر غريب جدا، وفيه شيء من قلة الاحترام، حيث يجعل مشكلتنا مع جسد المرأة وليس فكرها، فهذا عيب ذكوري مزمن، يجعل الرجل يظهر بأقل من حقيقته التي يخرج بها للناس " نظيف السر والسريرة " .

الموضوع ليس هنا : ازدواجية الرجل، بل بالإجراءات الموجودة في الواقع والتي فصلت جسد المرأة عن فكرها، وحرمت المجتمع من مشاركة نشطة تدفع تطور المجتمع الى مستويات عالية وحقيقية، فالأفكار والمبادرات سواء كانت في التجارة أو السياسة تكون دائما من نصيب الرجل لأنه الكائن الوحيد الذي يسمح له باصطحاب جسده معه في ميادين الانتاج والفكر، القضية ليست قضية دين،

ففي تراثنا الإسلامي يوجد العديد من معلمات للرجال، وصاحبات مشاركة جادة في أمور الحرب والسياسة، فالقضية في الأساس تتمحور حول بعض الأوهام الاجتماعية، وتعزيز بعض قيم الجاهلية، التي تدعو لوأد المرأة ذاتها وليس فكرها، أصحاب الأفكار المتطرفة يتقبلون أن تحارب المرأة في صفوفهم، ولن يقبلوا بها إن حاربت في صفوف دولتها، ليس لسبب في التوجهات فقط لأنها أمرأة، فان خضعنا لهذه المعادلة المتناقضة سوف لن يكون للمرأة دورٌ علني في المجتمع، إلا من خلال التحاقها بالجماعات المتطرفة،

 فهذه القوة القهرية والاقصائية، لا تبحث عن ستر المرأة، بل كل ماتريده هو تعرية المجتمع وتقسيمه لمتطرف مقبول لديها سواء كان امرأة أم رجلاً ، أو منحل يجب التخلص منه بغض النظر عن نوعه، فالمرأة المشاركة بقوة ونشاط في شبكات التواصل الاجتماعي، هي المرأة التي يجب أن يحترم حضورها في الواقع حتى نضمن سلامتنا من الانفصام .

بقلم: مطلق بن سعود المطيري - الرياض