جولة ابن سلمان وعولمة الرؤية

لم نعتد قيام وزير أو مسؤول سعودي بجولة عالمية للترويج لمشروع أو توجه مستقبلي للدولة كما يفعل الأمير محمد بن سلمان مع الرؤية الوطنية 2030 انطلاقا من الولايات المتحدة الأميركية.

صحيح أن الرؤية سعودية خالصة إلا أن ضمان نجاحها يحتاج إلى أكثر من مجرد التسويق لها داخليا، فالخروج بها من هذا الإطار هو ما يضمن تنفيذها، وتجاوز ما قد تواجهه من تحديات إقليمية ودولية.

المسألة ليست استقطاب رؤوس أموال أجنبية للاستثمار في المملكة أو حتى شراء حصص وأسهم بالمليارات في شركات عالمية رائدة كما هو الحال مع شركة أوبر، فالاقتصاد مرتبط بشكل وثيق بتطورات الوضع السياسي في منطقة لا تخلو من الأزمات.

وبين السياسة والاقتصاد تنوعت لقاءات ولي ولي العهد التي لم تقتصر على الحكومة الديموقراطية بل فتحت خط تواصل مباشر مع أكثر الأعضاء تأثيراً في الكونجرس الأميركي ومنهم أعضاء جمهوريون قد لا تكون مواقفهم السابقة منسجمة مع تطلعات بلادنا، وهذا التواصل هو ما سيعزز إلى حدٍ ما استمرار العلاقة المتميزة التي تربطنا بواشنطن بغض النظر عن الرئيس الجديد القادم إلى البيت الأبيض.

وفي الجانب الاقتصادي.. لم يكتف الأمير محمد الذي يرأس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية باستقبال كبار المديرين التنفيذيين في أكثر الشركات الأميركية تأثيراً لإقناعهم بالمشاركة في الرؤية السعودية بل ذهب بنفسه إلى وادي السيليكون والتقى هناك أبرز العقول ورواد التقنية التي نحتاج بقوة إلى نقلها وتوطينها في المملكة.

على المستوى الشخصي.. لفتني كثيراً هذا التنوع في إطلالات سمو الأمير التي انسجمت مع المناسبات التي كان حاضراً فيها والشخصيات التي التقى بها، فهو الرسمي المعتز بالزي السعودي عندما استقبله الرئيس أوباما في البيت الأبيض، والأنيق البسيط عندما حل ضيفاً في منزل الوزير كيري، والشبابي المتفاعل مع كل جديد حين التقى رئيس ومؤسس شركة فيسبوك مارك زوكربيرغ.

حيوية ونشاط الأمير وتواصله المباشر دون عوائق أو قيود مع أكثر الشركات والشخصيات تأثيرا سينعكس بشكل إيجابي على الرؤية ومشروع التحول الوطني، مع التأكيد على أن هذه المبادرة التي ستقوده فيما بعد إلى فرنسا وغيرها من دول العالم ستساهم في فهم عقلية الآخر الذي يحترم النوايا الطيبة والعلاقات التاريخية المتميزة، لكن.. ليس على حساب مصالحه الخاصة وحسابات الربح والخسارة، التي تبقى الأهم لديه.

بقلم: محمد الطميحي - الرياض