رؤية الأمان والعمل والثقافة

فلسفة بناء الأمان التي طرحها فارس رؤية التحول الوطني ولي ولي العهد لا تحسب بلغة الأرقام فقط، بل تتعدى ذلك إلى روح العقيدة، فرؤية الحياة المعيشية للمواطن السعودي بدون الاعتماد على البترول، تدخل في أساس النعم وجوهرها التي يحرص الدين الإسلامي على الحفاظ عليها: "الصحة في الأبدان والأمن في الأوطان" فالاعتماد الكلي على البترول مخاطرة كبيرة يقل معها تحقيق الأمن والأمان على المدى القصير والطويل..

ضمانات الأمان: عقيدة، وإنسان يعمل، وسلاح يستخدم عند الضرورة، ومال ينتج مالاً، وفكر يخطط، وعيون تراقب، وضمير يحاسب.

رؤية محمد بن سلمان رؤية متفائلة ولكن بتحدّ، رؤية لا تحتاج نقاطها لحروف بل لإخلاص وعمل، فقد وضعت إمكانيات البلد بأكملها على خط الحياة الذي لا يتوقف عند جيل واحد، وقالت: هذا رأس مالكم وهذه حاجاتكم، استخلصوا هذا من هذا، لتؤمنوا حياتكم وحياة الأجيال القادمة من بعدكم.

الشيء اللافت بهذه الرؤية هو الإشارة إلى الثقافة كعمل أساسي في تحقيق أهداف الرؤية، فقد عدا على بلدنا زمن طويل بدون أن يكون هناك سياسة ثقافية محددة في إطار واضح ووسائل إبداعية تعمل في مواقع الإنتاج الفكري، فالثقافة هي الضامن الفعلي لتحويل المكاسب المادية من اقتصاد وإدارة وأيدٍ عاملة إلى عمل منتج وطاهر لا يختلط بدنس أو مكر مخادع، فعندما تحاسب الرواية والقصيدة الفساد بلغة إبداعية تجعل ذم الفاسد عملاً أزلياً لا يموت، فمرافعات الإبداع ضد الفساد عمل قاسٍ ومستمر يحضر في كل مناسبة تستدعي حضوره، ثقافتنا غنية جداً وقادرة على صنع الإنجاز، ولكنها تشبه حال صناعة المعادن في بلدنا الذي أشار لها سمو ولي ولي العهد ان المستثمر منها لا يتجاوز 5%.. وأفضل من يجسد حال المثقف المبدع لدينا الفنان الكبير على الهويريني متمكن من حركة فكره وإبداعه ولكنه غير متمكن من الوصول لمنابر ثقافية تنصف تجربته وتقدر إبداعه..

لا يحق لنا تبادل التهاني بعد سماع هذه الرؤية المبدعة إلا إذا قبلنا التحديات التي طرحتها بقوة أمامنا، فهناك فرق بين أن تسمع لتفرح وبين أن تسمع لتتحدى، فالأولى سهلة وترضي الكسل وأحلام اليقظة والثانية صعبة ولكنها ميسرة مع الجهد والعمل بإخلاص، لا نحتاج بعد الرؤية إلى رؤية مفسرة ولكن الدخول مباشرة في برنامج العمل لخلق واقع عمل حقيقي لا يعرف المكر والكسل والخداع، فالريال الزائد في جيبك اليوم أنت لا تحتاجه ولكنه أمانة عندك يحتاجه جيل قادم، قبل هذه الرؤية لم نعرف كيف نحافظ عليه لتسليمه لهم، بناء حياة الأجيال أمان وأمانة، فإن غدرنا بيومنا أصبنا جيل الأبناء بالضياع والخيانة.

بقلم: د. مطلق بن سعود المطيري - الرياض