خطاب للتاريخ

سيكون العاشر من أبريل تاريخاً لا ينسى بالنسبة لمجلس الشعب المصري الذي استقبل بالأمس زعيماً عربياً وإسلامياً تحت قبته الشهيرة العريقة، ليوجه خطاباً مهماً للشعب المصري عبر نوابه الذين استقبلوا ضيفهم الكبير بعاصفة تصفيق حارة.

.. ابتداءً يشير توجه ملك أو رئيس دولة بالخطاب من برلمان دولة ما إلى أهمية ورمزية جديرة بالفهم، تلك الرمزية تُستمد من الموقع الذي اختير أن يُلقى فيه الخطاب، فالملك أو الرئيس هو ممثل لدولته وقائد لها، وفي الوقت نفسه تعد البرلمانات المكان الذي يُمثل فيه الشعب بمندوبين يقومون بخدمة قضاياه أمام الدولة والحاكم.. فالحدث التاريخي الذي رأيناه يوم أمس بتوجيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز خطاباً من منصة مجلس الشعب المصري في بادرة هي الأولى لملك أو رئيس دولة، إنما يريد به مخاطبة الشعب المصري في ختام زيارة استثنائية وناجحة بكل المقاييس، لذا جاء الخطاب في بدايته ليشير لعلاقة الشعبين ببعضهما، ليلفت الملك سلمان النظر إلى أن العلاقة ليست فقط سياسية بامتياز بقدر ما هي كذلك أيضاً على المستوى الشعبي، وليشير إلى أن التحديات التي تواجه الرياض هي ذاتها التي تواجه القاهرة، وأن مواجهتها والوقوف ضدها يستوجب توافقاً سياسياً وشعبياً.

لقد عرّض الملك سلمان في خطابه التاريخي لثلاثة مجالات يمكن أن نفهم من خلالها الأولوية السعودية في العلاقات مع مصر، الخارجية والاقتصاد والأمن.. ففي الجانب الخارجي كانت الأولوية في التعاون السعودي المصري لمعالجة القضية الفلسطينية واعتبار التحالف سمة وعنصراً يضمنان التنسيق والقوة، وهذا مبدأ يسوم حكم الملك سلمان.. وفي الاقتصاد نبّه الملك إلى أن البلدين يحظيان بفرصة تاريخية لتحقيق قفزات اقتصادية هائلة من خلال التعاون بينهما، وكان للتصفيق الذي ساد قبة البرلمان عندما عاد خادم الحرمين ليذكر باتفاق البلدين إنشاء جسر بري بينهما إشارة واضحة لحجم وإدراك النخب والرأي العام المصري الفوائد المنتظرة من هذا الجسر التاريخي.. أما الأمن فهو المهمة التي أشار إلى ضرورة تعزيزها في مواجهة الإرهاب والتطرف، معرضاً إلى تشكيل التحالف الإسلامي ومذكراً بالمبادرة المصرية لإنشاء قوة عربية مشتركة وبأن العمل جار لإنشائها.

شكّل خطاب الملك سلمان أمام مجلس الشعب خارطة طريق وتصوراً واضحاً لمسار عمل العلاقات السعودية - المصرية، هذا التصور عدّه الملك فرصة لتحقيق التوازن للعالمين العربي والإسلامي بعد سنوات من الاختلال.

بقلم: أيمـن الـحـمـاد - الرياض