الأمن الدوائي

قبيل توليه حقيبة وزارة الصحة كان الدكتور توفيق الربيعة (آنذاك وزيراً للتجارة والصناعة) يضع حجر أساس تطوير المرحلة الثانية من تجهيزات أحد المصانع الطبية والدوائية في مدينة سدير للصناعة والأعمال، والذي يعد الأول بالمنطقة في مجال صناعة أدوية السرطان بشراكة سعودية - كورية.

واليوم يتولى الدكتور الربيعة قيادة وزارة الصحة، والتي رغم عدم ارتباطها تنظيمياً بقطاع الدواء الذي يتبع هيئة الغذاء والدواء، إذ إن علاقة وزارة الصحة بهذا القطاع هي علاقة منافذ للصرف والبيع، إلا أنه وفي نهاية الأمر يظل هذان القطاعان ملزمين بالتواصل النشط والمستمر، فكلاهما في نهاية المطاف محكومان برابط واحد وهو رابط المرض والعلاج.

إن حجم الثقل الملقى على قطاع الدواء، ونوعية الأمراض التي يصاب بها السعوديون والآخذة في التزايد وعلى رأسها السكري والضغط والربو وهي أمراض مزمنة ترهق ميزانية الدولة يتطلب تكاتفاً وتنسيقاً مباشرين بين الوزارة التي يفترض أن تعبر عن حاجاتها والهيئة التي ينبغي من جهتها أن تعمل على تلبية تلك الحاجات عبر نظام وإجراءات توفر من خلالها الدواء بالكمية والجودة التي تسمح في نهاية المطاف بتحقيق الاكتفاء والأمن الدوائي.

أحد أهم وأبرز تلك الإجراءات ترسيخ صناعة دوائية في المملكة بأسس متينة وقوية وباشتراطات دقيقة وعلمية ورقابة صارمة.. حالياً الإنتاج المحلي لا يغطي إلا 20% من احتياج السوق الداخلية، في حين أن الطلب على الأدوية يتزايد مع ارتفاع عدد السكان وازدياد مثيرات ارتفاع الإصابة بالأمراض المزمنة نتيجة لعوامل كثيرة تبدأ من العادات الغذائية الخاطئة وصولاً للتغيرات البيئية، وأمام ذلك لا مناص إلا باتخاذ خطوات من شأنها رفع نسبة الإنتاج المحلي للدواء لبلوغ مرحلة الاكتفاء، وأولى تلك الخطوات تشجيع الاستثمار في توطين صناعة الأدوية العالمية..

اليوم هناك عشرة تراخيص لمصانع جديدة في المملكة بعضها لشركات عالمية لصناعة أدوية مبتكرة، بمعنى أنها ما زالت تحت نظام لا يسمح بتصنيعها إلا بأذونات خاصة، وهذه خطوة جيدة، لكنها بحاجة إلى تعزيز وتشجيع وتحفيز عبر توفير بيئة ملائمة لتلك الشركات وبنية تحتية وتقنية وعلمية لا شك أن جزءاً كبيراً منها متوفر لدينا، لكننا بحاجة إلى الترويج لها وحث رؤوس الأموال والشركات على الدخول فيها، وتلك العملية الاستقطابية في هذا القطاع الحيوي سيكون لها تبعات أخرى بعضها يتعدى القطاع نفسه؛ أهمها تشجيع حركة البحوث وتوفير الوظائف على ألا تتركز في منطقة واحدة جغرافياً؛ بمعنى أن تكون تلك المصانع في مختلف مناطق المملكة لتفادي اختلالات النمو.. ولنا في تجربة الصناعات "البتروكيماوية" مثال وأسوة في تحقيق اكتفاء؛ بل وفائض حوّل المملكة إلى قطب دولي في هذه الصناعة.


بقلم: أيمن الحماد - الرياض