استثمار (الموظفين الصريحين)

في كثير من المنشآت يوجد نوع من الموظفين الصريحين في أقوالهم الذين لا يعرفون المجاملة إطلاقاً، هم دوماً يتذمرون من المشاكل ويتحدثون عن الجوانب السلبية بالمنشأة بكل شفافية، مما يسبب في بعض الأحيان شوشرة وتأثير على زملائهم الآخرين في المنشأة. كثيراً ما تسبب لهم صراحتهم عداوة وعدم تقدير من الإدارة العليا، ويتم وضعهم ضمن القائمة السوداء في المنشأة.

الوضع يختلف مع جيم واتهورست الرئيس التنفيذي لشركة ريد هات الأمريكية، فهو يقدر المعارضين ويحب أن يراقب بانتباه الموظفين الذين يطلق عليهم اسم «جهاز تنظيم الحرارة»؛ وذلك لأنهم يقومون باستمرار بمراقبة درجة حرارة الشركة ويحصلون على احترام أقرانهم وإن لم يتبعوا القوانين.

في الغالب يفقد هذا النوع من الموظفين الصريحين فرصاً وظيفية عليا بالمنشأة؛ لأن رؤساءهم يعتبرونهم أشخاصا يبحثون عن المشاكل أو غير مفيدين للمنشأة، بينما لدى رئيس شركة ريد هات الوضع مختلف تماماً؛ حيث يقول «يجب علينا أن نخرط هؤلاء الأشخاص ونسمع لهم، وبالتالي سنتمكن من جعلهم أشخاصا منتجين حقاً». والأكثر من ذلك أن واتهورست يظهر تقديرا خاصا وكبيرا للمتذمرين الذين يشيرون إلى مشاكل حقيقية ويستمع لملاحظاتك بدلاً من القيام بقمعهم أو عزلهم وتهميشهم أو طردهم، ويؤمن أن الحل الأنجع هو البحث عن طرق لمساعدتهم على تطوير وظائفهم والتعرف على مساهمتهم في الشركة.

وقد قـام بإنشاء مسارين للموظفين الطموحين وبإمكانهم الاختيار بينهما، المسار الأول «وظائف الإنجاز» حيث سيتمتعون في هذا المسار برحلات مدفوعة الثمن ستمكنهم من ذكر انتقاداتهم البناءة عن الطريقة التي يمكن فيها تحسين الشركة أو يمكنهم اختيار المسار الآخر «وظائف التحسين» وتحمل مسؤوليات إدارية رفيعة تصحبها مسميات وظيفية عليا.

لقد حقق هذا النهج في الشركة إتاحة المجال للموظفين الصريحين بالتحدث عن نتائج إيجابية وجعلهم يستفيدون في نفس الوقت من سلوكهم فإذا كانوا يشعرون بالرضا عن دورهم الحالي، فبإمكانهم الحفاظ على مسماهم الوظيفي والشعور في نفس الوقت بالتفوق والتميز، وهذا كله بفضل زيادة الرواتب وتقدير رئيس الشركة.

تجربة رئيس شركة ريد هات رائعة ولو تم تطبيقها لدى المنشآت التي تعاني من الموظفين الصريحين السلبيين لأحدثت نتائج إيجابية كبيرة، ومثل هذه التجربة تتطلب الصبر في احتواء هذا النوع من الموظفين. القصة اطلعت عليها من خلال مجلد القيادة التنفيذية.

بقلم: سلطان بن محمد المالك - الجزيرة