المرور واقعٌ غير مرضٍ

«الواقع المروري غير مرضٍ» يمكن اعتبار ذلك التصريح الذي جاء في معرض حديث مدير الأمن العام الفريق عثمان المحرج أمراً إيجابياً يعكس واقعاً غير ذلك، فالإحصائيات والأرقام تقول إن حوادث السيارات في المملكة هي ضمن الأعلى عالمياً بل خلال العامين الماضيين جاءت المملكة في المرتبة الأولى وهذا أمرٌ لا يمكن قبوله، فهذه الأرقام تخلف وراءها عائلات فقدت عائلها وأمّاً فقدت ابنها، وقد سمعنا أن استهتار قائد مركبة قضى على عائلة بأكملها.

في حديث الفريق المحرج لومٌ موزع على جهاز المرور والمواطنين والإعلام، ونراه محقاً في ذلك لكن يجب أن ندرك بأن المسؤولية الأساسية تقع على الجهاز التنفيذي وهو المرور الذي يجب أن يكون في مستوى مسؤولية ما يحدث في شوارع المدن الرئيسية المكتظة بالمركبات، هذا الاكتظاظ قد يكون مرد جزء معتبر منه إلى تنظيم خطط دخول السيارات الكبيرة إلى المدن، وكذلك بُعد رجال المرور عن المحاور الرئيسية التي تتطلب في بعض الأحيان تدخلاً للقيام بفض اشتباك وقع بفعل الازدحام أو الحوادث.

مؤخراً دخلت التكنولوجيا على خط خدمة المواطنين فبدلاً من الانتظار يمكن تصوير الحادث وإبعاد السيارات عن الطريق، لكن ذلك ليس بيت القصيد.. جزء مهم ومهمل هو تثقيف قائدي المركبات، يمكن القول إن جهاز المرور غائب تماماً عن هذه المهمة فلا مظاهر توعية نشاهدها في شوارعنا أو نسمعها في الإذاعات أو نشاهدها في التلفاز، وماذا عن الإعلام الاجتماعي الذي لم تستغل قدراته واستخدامه العريض من قبل نطاق واسع من الشباب الذين هم وللأسف الشريحة الأكبر في ضحايا الحوادث. فالإعلام لا شك شريكٌ أساسي في رفع مستوى الوعي لكنه بحاجة لمبادرة من المرور الذي يجب أن يغير من رسائله التوعوية التي لم تؤتِ ثمارها، والانتقال صوب أفكار إبداعية وورش عمل في المدارس المتوسطة والثانوية حيث يتهيأ الكثير من الطلاب في هذه الأعمار إلى الدخول لعالم القيادة دون أن يكون لهم موجهٌ سوى واقع مروري غير مرضٍ.

يمكن اعتبار مكاشفة الفريق المحرج ومصارحته لمديري المرور في المملكة أمراً مهماً، وبالتالي فإنه لا يجب أن يكون حديثاً عابراً موقتاً، بل مسؤول وبداية لتصحيح واقع شوارعنا التي لا يمكن قضاء أكثر من مشوار واحد فيها بسبب الازدحام الخانق يضاف لها وهو الأهم التهور الذي لم يجد له رادعاً.

بقلم: أيمـن الـحـمـاد - الرياض