«الاستقرار».. ركيزة خطابات الملك

الاستقرار مفردة جوهرية في خطابات الملك سلمان بن عبدالعزيز.. بالأمس وضع خادم الحرمين في كلمته أمام «قمة العشرين» تلك المفردة رهن كل الخطط التنموية والاقتصادية، فبدون الاستقرار السياسي والأمني ستغدو جهود تعزيز نمو الاقتصاد العالمي هباءً منثوراً.. وفي لقائه قبل حوالي شهرين مع الرئيس الأميركي باراك أوباما قال الملك سلمان: «نحن في بلدنا الحمد لله لسنا بحاجة لشيء، ولكن يهمنا الاستقرار في المنطقة، يهمنا استقرار شعوب المنطقة».

الاستقرار معيار يضعه أصحاب رؤوس الأموال ابتداءً؛ فهم لا يغامرون بثرواتهم في منطقة قلقة أو بلد مضطرب، بل يبحثون عن تبديد صفة «الجُبن» التي تلازم رأس المال، لذا كان خيار الأمن والبحث عنه أولوية لكل مرحلة بناء أو تحوّل نحو نهضة اقتصادية.

في خطاب الملك أمام قمة العشرين، حاز الإرهاب - بوصفه عامل زعزعة خطيراً وجريمة لا يقرها دين ولا عقل - على النصيب الأكبر من الاهتمام، فالقمة تُعقد على وقْع سقوط 128 ضحية في باريس، وهو أمرٌ فرض نفسه على جدول أعمال القمة، واستحث القادة على اتخاذ مبادرة لاستئصال هذا المرض الذي استفحل، وصارت تأثيراته على الاقتصادات العالمية واقعاً ملموساً، من جهة استنزافه لمقدرات الدول المنخرطة في محاربته ومكافحته، وكذلك إرباكه لخططها الاقتصادية ومبادراتها التنموية.

كان حديث الملك أمام القادة واضحاً عندما اعتبر أحد أهم مسببات حالة اللا استقرار هو استمرار الاحتلال الإسرائيلي وسلب الحقوق الفلسطينية.. وفي واقع الأمر فإن ترك هذه القضية في وضعية اللا حل - وهي بالمناسبة استراتيجية تتبعها حكومة الليكود المتطرفة التي تؤمن بإدارة الأزمة وعدم حلها حتى تتمكن من تنفيذ استراتيجياتها الاستيطانية - مكّن من انتشار ظاهرة التطرف باسم القضية الفلسطينية وهي منه براء.

ولا شك أن جعل الأزمة السورية كثاني مسببات الاضطراب في المنطقة وأحد مثبطات نهوضها الاقتصادي، وما آلت إليه هذه الأزمة من انعكاسات خطيرة على الشرق الأوسط وزحف تبعاتها وأبرزها توالد الحركات الإرهابية وبروز قضية اللاجئين كمعطى يشير إلى بلوغ الأزمة حداً لا يمكن السكوت عنه، كل ذلك وضع استراتيجيات وخطط ودساتير وأنظمة الدول الأوروبية محل نظر ومراجعة، فتأثير هذه الأزمة سيمتد سنين طويلة.

ولتذكير الدول الخمس دائمة العضوية بالقرار الذي وافقت عليه في مجلس الأمن بشأن اليمن وضرورة الالتزام به، كان ولا بد من تأكيد حرص المملكة ودول التحالف على إيجاد حل سياسي للوضع في اليمن على قاعدة قرار مجلس الأمن الدولي (2216) وضرورة الدفع باتجاه فرض الحل السياسي.

تؤمن المملكة بسيادة الأمن وضرورة إحلال الاستقرار في الشرق الأوسط، وإبعاده عن حالة الاستقطاب الشديدة التي تعتري المشهد السياسي في المنطقة، وأن تأثير هذه التجاذبات ينعكس سلباً وبشكل واضح اليوم على الأمن والسلم الدوليين.

بقلم: أيمـن الـحـمـاد - الرياض