إدارة الحج حق سيادي لا يقبل المشاركة

 الحملات السلبية على المملكة قديمة ولها عدة جوانب واعتبارات يسلكها العابث في القيم السياسية التي تنظم علاقات الدول مع بعضها، في المواقف السياسية ليس كل الدول حلفاء للمملكة أو مؤيدين لها، فاعتبار المصالح التاريخية والاقتصادية وغيرهما واضح في بناء التحالفات والمواقف، إلا أن الاختلاف السياسي لا يعطي الحق في التجاوز على مكتسبات السيادة للدول، فالموقع الجغرافي لكل دولة أمر لا يقبل المساس به عندما تفرض الاختلافات السياسية نفسها على العلاقات بين الدول..

نقول إن المطالبة بالمشاركة في إدارة الحج أو بالمسمى الصحيح المطالبة بالتعدي على سيادة المملكة على أرضها مطالبات قديمة، وهنا على من يطالب من الدول بالمشاركة أن يسأل أبناء المملكة هل دماؤهم ترخص عند التعدي على سيادتهم أم لا؟ تحت أي منطق سياسي أو تاريخي تطالب أهل الأرض بمشاركتهم أرضهم، الحج فرض على كل مسلم لذا أخذت المملكة على عاتقها التسهيل على المسلمين لأدائه وفق اتفاقيات ملزمة أقرتها جميع الدول الإسلامية وأي انحراف عن هذه الاتفاقيات يعد تعدياً صريحاً على السيادة.

استغلال الأحداث العرضية في مواسم الحج أيضاً مكر قديم كان الرئيس القذافي هو من يجيده ليعزز المطالب الخبيثة في التدخل في شؤون الحج وكان آخر تدخلاته عندما توفّي أكثر من مئة حاج مصري في رمي الجمرات في 2008، فرفع شعار ضرورة إشراف الأمة على الأماكن المقدسة ولكي تلقى حجته سنداً دعائياً مقبولاً جعل القدس مع مكة والمدينة، ولعل القارئ يعرف لماذا قام بهذا الجمع، ولكن الجميل في الأمر أن الرد جاءه مباشرة أن السيادة يحددها الدم لمن سولت له نفسه بالتعدي..

الشيء الذي يجعلنا نؤكد أننا أمام حملة دعائية مخطط لها مسبقاً قبل أن تحدث قضية الازحادم في منى هي أن إذاعة سوا الأميركية طرحت استفتاء على مستمعيها يتضمن معرفة رأيهم بقدرة المملكة على إدارة الحج، وهذا يجعلنا أكثر انتباهاً وليس ريبة ان الأمر يوجد به شيء من التحضير المسبق لتسويق فكرة التدخل في شؤون المملكة عن طريق الحج، لا أقصد التدخل الأميركي، بل أقصد المدخل السياسي الديني لشرعنة التدخل في شؤون المملكة والبداية تكون باختبار قوة المملكة وشعبها على تجاوز هذه الحيلة الماكرة أو كيف سيكون ردهم عليها لتجهز الثوب المناسب لذلك، فبيت الله الحرام ليس وجوده بالمملكة مثل قضية الفتوى إن خرجت من علماء المملكة ينكرها من ينكرها ويعترض عليها من يعترض، ويكون ذلك التنكر والاعتراض نوعاً من الاجتهادات المقبولة، تتغير وتتبدل وتقوى بذاك البلد وتضعف في غيره، فبيوت الله المقدسة توجد على أرض لها حكومة وشعب وجيش والتعدي عليها يعد تعدياً على دين شعبها وتاريخه وسيادته مهما كانت الممبررات.. فمع فارق التشبيه لا يقبل المصريون بمشاركة العالم لهم بالأهرامات تحت ذريعة أنها تراث عالمي فالسيادة المصرية ترفض ذلك، وكذلك العتبات المقدسة في طهران ومدارسها الفقهية المقدسة في قم قداستها لديهم لا تعني كسر سيادتهم عليها، أما عتبات العراق المقدسة تم المشاركة بها من قبل طهران عندما استبيحت سيادة العراق، فهل المطلوب استباحة سيادة المملكة؟! الإجابة عند أبناء المملكة سلوهم من فضلكم.

* نقلاً عن صحيفة "الرياض"