ويكيليكس والدبلوماسية السعودية

 مهد أكثر من زميل في هذه الجريدة للكتابة عن موضوع تسريبات وثائق وزارة الخارجية فقد أجادوا في التحليل والاستنتاج، ولا إضافة لدي تتجاوز ما ذكر الزملاء، الا انني وجدت حالة من الارتباك والتصيد تدور حول هذا الموضوع من اجل خلق دوي مزعج يعتمد على وصف هذا الاختراق بالفضيحة، ليكون كما اراد المتربص فضيحة، الا ان الامر اكثر سذاجة وأبسط من ذلك ان عرفت الخارجية كيف تتعامل مع هذا الامر وهي على ما أعرف عنها قادرة على ذلك.

بداية يجب ان يكون التعامل مع ازمة معلنة وليست مخفية، ولا يجب أن يكون الانشغال بالكم فتسريب وثيقة واحدة يعادل نصف مليون وثيقة، والتعامل يجب الا يأخذ صيغة الفرز بين مزور وصحيح، فالتسريبات حدثت فأفضل تبرير يمكن ان نقدمه لهذه القضية هو انها حدثت، لايهم لماذا وكيف؟ فالتبرير فشل والاعتذار ضعف، ولكن وصف الحالة مطلوب، وافضل وصف لها ان هناك اختراقا الكترونيا حدث واصاب اهدافه، وعلينا مواجهة تداعياته، فالوصف يتطلب ان نستدعي نماذج مشابهة لهذه القضية، وافضل مثال على ذلك هو الولايات المتحدة الاميركية تم اختراق موقع استخباراتها ومخزن اسرارها الاستراتيجية والقومية، ولو لم تكن بالدولة المهمة لما انشغل العالم بها ولا استهدفها الهجوم، وهذه حالة مشابهة لنا في المملكة حيث نملك القوة والتأثير لذلك امر استهدافنا شيء متوقع وقد يكون سبقته حالات وسوف تتبعه حالات.

نعرف ان هناك اسرارا وأمسك بها المتربصون بنا دائما، وهم وحدهم من اسعدهم ذلك الامر، فهؤلاء لم يعارضونا بسبب التسريبات ولكن وجودهم المتربص بنا سابق لهذه التسريبات وسوف يتجاوزه لغيرها، فمعارضتنا بالنسبة لهم مهنة، تنشط وتضعف، يزدادون نشاطا ان دخلنا ميدان سجالهم وان حجزناهم فيه تجاوزناهم، وعلينا في هذه الازمة العودة لتصريح سابق لمهندس الدبلوماسية السعودية الامير سعود الفيصل:"لا يوجد لدينا شيء نخجل منه" وفي هذا المقال نقول: لا يوجد لدينا شيء نخشى انكشافه، وإن لم يكتف المتربصون بنصف مليون وثيقة فنحن على استعداد لتزويدهم بنصف مليون وثيقة اخرى، فالذي يخشى عليها من الاكتشاف الفضيحة، وسياستنا ليست كذلك إنها تعبير حر عن سياسة حرة، وامر نشرها يجعل المواطن والمحب يفخر بها.

الخارجية عليها الا تحذر المواطنين من تلك الوثائق سواء أكانت مزورة ام غير ذلك، فالمواطن شريك اساسي بحماية أمن وطنه والدفاع عنه، ووعيه يتجاوز صيغة التحذير الى الاشتراك في انتاج ذخائر فكرية وسياسية يستخدمها متى طلب وطنه ذلك، نحن امام معالجة أزمة ولسنا بصدد تعميم أزمة، والمهنية تتطلب العمل بمستواها لا اقل ولا اكثر.

* نقلاً عن صحيفة "الرياض"