شيء من الجنون يا حكماء اليمن

تبدأ غداً الهدنة الانسانية في اليمن وسط مخاوف واقعية من تعطيل جهودها الاغاثية مع تعذر وجود ضمانات على الارض تجبر ميلشيات الحوثي ومرتزقة صالح من استخدام السلاح في ضرب حركة المساعدات الانسانية..

مأساة الاشقاء في اليمن انها تقوم على جعل الازمة رأس مال للمتحاربين، فالجوع والمرض عذاب انساني، معالجته مأساة، ووجوده مأساة، ولو كان غير ذلك لما حدثت ازمة من الاساس في اليمن، ولحرك الدم اليمني حمية اليمني على اليمني.

اكثر اهل الارض تبرعاً بدمائهم هم العرب، تبرعا يسيل دما في شرايين الطائفية والمذهبية والالحاد والعدم، وستكون الهدنة الانسانية في اليمن دليلا صارخا على ذلك، فسوف يمنع اليمني الدواء عن اليمني، ويعمل على تعجيل نهايته من الدنيا، الحرب في العالم العربي ليست قضية سياسية او دينية بل مرض لا دواء له، واستئصاله معجزة انسانية، فالعرب مفكرون سياسيون عظام لا تنقصهم الرؤية الصائبة ولا الفكرة العادلة، وهذه الورطة الكبرى ان يشكو العقل من وجود الحكمة، تطرح الحلول بحكمة وتنشب الخصومة في حكمة، والحكيم الذي يملك الحكمة لا يتنازل عنها الا اذا قضيت حياته، ومن يمت في هذه الحروب تثبت حكمته ورجاحة عقله، فالموت حكمة عند العرب والحياة جنون.

العرب أمة اموات فإغاثتها من الموت يهبها الحياة وهذا امر يحرف التاريخ العربي عن غاياته السامية، فالانقاذ من الموت خيانة يرفضها العربي الابي الذي رضع الموت من نار الطائفية السياسية والدينية، الحوثي اجاد في احضار الامهات المرضعات وكسب اتباعا بالرضاعة الطائفية، فالطائفية اصبحت في اليمن العزيز أماً تجمع ابناءها على كراهية الامهات المخالفات لها بالمذهب، فحليب الام حياة وانتماء، فلم تعد الام مدرسة عند العرب اليوم بل الام اصبحت حربا طائفية ان اعددتها اعددت جيلا من الاموات..

الاخوة الاشقاء في اليمن المعارضين للحوثي وصالح، سمعنا خطابكم الحكيم والعاقل والمعارض، سمعناه في الرياض وابو ظبي والقاهرة، ولكن الارض اليمنية تطالبكم بالحضور على ترابها من اجل اعتبار انساني، فقط من اجل توصيل العلاج للمصاب والمريض، ألستم تمثلون مجموعات انسانية موجودة على ارض اليمن العزيز، يحترمون امركم وينفذونه، ام مجموعاتكم موجودة مع الرئيس المخلوع والجمعيات المعطلة للمساعدات الانسانية، ام انتم لا تحتاجون للعلاج والخبز، ولا يوجد عندكم من يحتاج المساعدات في اليمن؟

العمل الانساني الذي استدعى وجود الهدنة هو عمل انساني لانقاذ الشعب اليمني، وإن لم تشاركوا في اعمال الانقاذ والاغاثة، ستكون معارضتكم لشيء آخر غير صالح والحوثي، فالامم المتحدة لا تستطيع ان تعمل بنجاح لمجرد وجود قرار دولي فقط تعمل تحت شرعيته، فلابد من وجود مواطن مسؤول ينقل القرار الدولي الى المستشفى والمنازل المنكوبة، ام ان الحكمة اليمنية اصبحت حكمة قومية عربية، عرفت العقل من القذافي وبشار.


* نقلاً عن صحيفة "الرياض"