ساعة سلمان الوطنية

اللغة الاحتفالية التي صاحبت التعليقات الإعلامية على التعيينات الجديدة دليل على القبول والتأييد الواسع التي حظيت بها هذه الخطوة التطويرية، فكنا الأسبوع الماضي أمام استفتاء عام -خاصة في شبكات التواصل الاجتماعي- على المبايعة، عنوان جديد ومختلف يضاف لتاريخنا الوطني، عنوان ثبت خريطة الوطن في عقول السعوديين وضمائرهم، فبين عاصفة الحزم والمبايعة، كتبت ثقافة وطنية جعلت المواطن يلتفت للمواطن كشريك في التضحيات والمكاسب، يرسم طريق استشهاده في الحرب، ويجبر المسؤول على احترام حقوقه وحاجاته، كل ذلك جاء نتيجة قرار ملك، احترم الشعب وحمله المسؤولية.

تعيين وزير الخارجية عادل الجبير يدخل ضمن الثقافة الوطنية الجديدة، التي ترسخ مفهوم المسؤولية قبل أن تحدد اسم الشخص المسؤول، فنحن أمام مكان ومسؤولية ثابتة يتغير الأشخاص ولا تتبدل، سوف يحفظ الجمهور الأعمال والبرامج وينسى الأشخاص، الملك سلمان مختلف في الإدارة والرؤية والإنجاز، فالهوية الوطنية لديه برنامج عمل تمارس وتنفذ، وليست شعورا عاطفيا يغنى كنشيد وطني في المناسبات، فالمواطن عندما لا يكون إنجازا ومنتجا للهوية يحكم عليها بالتشتت والارتباك، وهذا مشاهد في بعض الدول العربية، التي ربطت الانتماء الوطني بالمسؤولين، فالموظفون الذين اختارهم حسني مبارك أو القذافي وبشار كان تعيينهم شيئا يراد منه ان يصنع هوية للانتماء وليس نتيجة للهوية، وهذا مصدر اختلافهم مع الملك سلمان يختار المسؤول كنتاج لتاريخ البلد وليس من أجل صناعة تاريخ البلد، فالمملكة امتدادها التاريخي الذي صنعه رجال عظام هو من يمنح الانتماء ولا يحتاج لمسافات جديدة تذكر بعظمته وانفراده النموذجي..

الإعلام اليوم مطالب برصد ملامح الثقافة الوطنية الجديدة وتتبع إنتاجها من واقع المسؤولية وليس في سجل الشخص المسؤول، فلم يعد وجود الأشخاص أو خسارتهم شيئا كارثيا، يعطل مسيرة التنمية أو يمنع الدفاع عن الحدود والإنجاز، أسلوب عملي يبني الفعل على الفعل لينعم المواطن ويرتاح ضمير المسؤول.. نريد إعلاما يحسب خطوات الملك بساعة وطنية تحجز الزمن في إنجاز ولا تضحي به وراء وعود لا تنجز عملا ولا تحافظ على وقت.

ساعة سلمان تسير عقاربها بأعمال وليس بوعود، فالوقت عمل ينجز وليس زمنا يمر بدون أن يحركه عمل، التطلعات كبيرة والتضحيات أيضا كبيرة، فالمسؤول في إدارة سلمان موظف يبعد إذا قصّر ويحاسب، وتضاف له مسؤوليات أخرى إذا أنجز، لذا وجدت قرارته إجماعا شعبيا غير مسبوق، فإنسان يفكر بوعي المواطن وليس في بيروقراطية الإدارة سوف يحظى قراره بالقبول.. خطوات التنمية في عهد سلمان ارتبطت بكرامة المواطن، فأينما اتجهت كان هناك مصلحة للوطن، لغة تنطق بفعل ويعجز عنها اللسان..

* نقلاً عن صحيفة " الرياض"