كبدة «الحاشي»

 أكثر المتأثرين بتوصية وزير الصحة هو ابن الخالة الذي كان خبير "الحاشي" في دورية الجمعة، لكن ما يدري الإنسان أين يكون الخير. يرى الوزير أن نبتعد عن التعامل مع الإبل، ويطالب مَن يضطر لذلك بارتداء القناع الواقي، مع أن الدول المتقدمة تطالب المريض بارتداء القناع من قبيل مراعاة شعور الآخرين وحمايتهم. لكن حتى الآن لم يكتشف قناع "بعير 95".

اعتبر البعض كلام الوزير نصراً لمحدثكم الذي لم يفلح في نشر مقال قبل عشرة أشهر يحذر فيه من العلاقة بين "البعارين والكورونا"، بعد التقرير الطبي الذي ربط بينهما. أظن سبب عدم النشر هو أنني ربطت بين المبالغة في أسعار الإبل وتبجيلها والمرض الذي لم يكن فيمن سبق من المتعاملين مع هذا الحيوان.

لم يتحدث القرآن عن التنافس المحموم الذي شاهدناه ونشاهده يتكرر في كل "مزاين"، وكل "منقية"، وكل مزاد. لم يفرد القرآن الكريم آية واحدة تتحدث عن "براطم البعير" أو المسافة الفاصلة بين حلمة أذنه وفتحة "خشمه". وإنما دعا مَن عاشوا والإبل تخدمهم ليتفكروا في قدرة الخالق في ذلك المخلوق الذي يسير في الصحاري ويتحمّل الجوع والعطش أياماً.

كيف أن خالقها - سبحانه وتعالى - مكّنها من أن تتفاعل مع بيئتها من خلال خزن ما لا تحتاج إليه من الطاقة في سنامها. كيف أنها تتذكر صاحبها، وتحن على رضيعها، وتحفظ الود.

لم يدفع الدين الحنيف إلى تلك المظاهر الباذخة التي بنت عليها قنوات حياتها، وشعراء مستقبلهم، وجمهور "مناقزهم" في الشاشات وأمام "اللاندكروزرات".

الدرس الذي لا بد أن نتعلمه من هذه الأزمة هو عدم المبالغة في الأمور. فالغلاء الفاحش في أسعار تلك المخلوقات، دفع باتجاه الشك والريبة حيال مقتنيها وكيف تهون عليهم الملايين في سبيل اقتناء ما كان سعره لا يتعدى آلافا قبل عشر سنوات.

لابد أن نعلم أن المضي في أمور لا يرضاها الله تعالى ولا يقبلها المنطق سيتحول إلى خراب وفساد وضرر بالغ على الناس. على أن الضرر لن يكون محصوراً في المذنب، وإنما ضرر المذنبين على قومهم الذين تركوهم ولم يحجروا عليهم.

ختاماً أقول لجميع الموظفين ودّعوا كبدة "الحاشي"!

نقلاً عن "الاقتصادية"