التاجر الصغير

أنهى الإسباني لوبيز مدرب المنتخب السعودي مهمة التصفيات التأهيلية إلى نهائيات أستراليا بنجاح كبير، رغم وجود العراق والصين إلى جواره. بالأرقام لم يترك المدرب الإسباني الخجول أي ثغرة للمنتقدين ينفذون منها إلى المطالبة بتوجيه الشكر له على ما مضى وتنحيته عما هو آت.

.. مع لوبيز قفز الأخضر من المرتبة 103، بداية العام الماضي إلى موقعه الحالي (75) في تصنيف "فيفا"، وهو رقم مقبول قياسا بعبور 28 مقعدا خلال عام مع أنه لم يلعب إلا تصفيات فقط وبطولة دولية ودية، ولم يحضر في أي مباراة دولية ودية أيام "فيفا" الأخرى.

.. سيلعب الأخضر خلال الأشهر التسعة المقبلة بطولتين هامتين، الأولى ستكون في العاصمة الرياض تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل حين تحل المنتخبات الخليجية في ضيافته، والثانية بعدها بشهرين حينما يشد الرحال إلى أستراليا لمواجهة منتخبات القارة في بطولته المفضلة، وإذا ما نجح في الفوز بالبطولتين أو وصافة إحداهما والفوز بالأخرى فإنه مؤهل لكسر رقمه التاريخي في تصنيف "فيفا"، حين بلغ المرتبة الواحدة والعشرين شهر تموز (يوليو) من عام 2004، فيما عرف بمنتخب تركي بن خالد وفاندرليم، الذي أمضى عامين بلا خسارة وحقق بطولتين ولعب في أربع مناسبات مختلفة، قفزت به إلى تلك المرتبة.

بعد كل ما مضى مع لوبيز وما هو آت، يظل السؤال معلقا: هل الإسباني هو الرجل المناسب في المرحلة المقبلة؟. رقميا وكما سبق، مثل لوبيز دور المنقذ في الفريق الأخضر، أقال عثراته، أعاده إلى جادة الفوز، انتزع بطاقة التأهل قبل جولتين من الختام، غير قليلا في قائمة الأسماء المعتادة، في مقابل ذلك، لم يتعرض لاختبارات حقيقية متتالية ولا مواقف صعبة تمحص قدراته الفنية باستثناء مواجهة الصين في بكين التي خرج منها متعادلا.

.. تميزت مرحلة لوبيز الماضية بالواقعية، والسير بهدوء نحو الهدف، واستيعاب الإمكانات المتوافرة في التخطيط نحو الغاية، وفنيا لم يقدم الأخضر في عُهدة الرجل عروضا جذابة أخاذة تلفت الأنظار، وتعيد هيبة "السعودي" فنيا. إذا هل القرار الصائب بقاؤه أو رحيله؟

.. أعتقد أن علاقة لوبيز بالأخضر كانت مرحلة وقتية أشبه بحالة طوارئ، شحذت فيها كل الهمم لتجاوز التصفيات، تم تمرير كثير من الهنات في سبيل بلوغ الهدف، وغُض الطرف عن بعض النواقص لديه رغبة في بلوغ الغاية وهو ما حدث، لكن المرحلة المقبلة ستكون أصعب وأقوى بداية من مطحنة المدربين كأس الخليج.

سألت لاعبين في القائمة الخضراء الدولية: هل غيّر لوبيز الأخضر؟ كانت الإجابات متفاوتة. أحدهم قال: المدرب جيد لكنه ليس الأفضل، مسالم هادئ، ميزته أنه مقتنع أكثر من المسؤولين أن أخضره ليس الأخضر صاحب الطموحات العالية، لذلك نجح بواقعيته. آخر قال: لوبيز ينفع للمسؤولين أكثر من اللاعبين .. وابتسم. الثالث قال: لوبيز لا يملك خبث المدربين البرازيليين، والمرحلة المقبلة تحتاج إلى الدهاء الفني، وتابع: هو أيضا ليس لديه جرأة الأوروبيين، إنه يشبه تاجر المشاريع الصغيرة ذات رؤوس الأموال المحدودة.

قرار استمرار لوبيز أو إعادته للفئات السنية، يحتاج إلى جرأة كبيرة، تتجاوز بكثير ما يملكه الإسباني المسالم، على أن يربط القرار بما تحتاج إليه المرحلة المقبلة، ولو كنت مكان أعضاء مجلس الاتحاد، لقدمت خطابا لطيفا مزينا بكل عبارات الشكر للتاجر الصغير وذيلته بعبارة: شكرا .. نجحت في المهمة المؤقتة المرحلية.

نقلاً عن "الاقتصادية"