مسيرة الخليج مستمرة للأبد

معارضة دولة عمان الشقيقة لفكرة الاتحاد مع شقيقاتها في الخليج لا توجد بها أي عنصر من عناصر المفاجأة، فما قاله وزير خارجيتها عن موقف بلادة من الاتحاد "لا تعارضه ولن تكون جزءاً منه" لا يعد خروجاً عن الطبيعة السياسية الخليجية، فقد سبق أن شهد مجلس التعاون العديد من الاختلافات بالرؤى بين أعضائه، مثل الزيادة في معدلات إنتاج البترول وانخفاضه، ورسم السياسة الأمنية في الإقليم، والموقف من بعض الأجندات الخارجية، وغيرها، ورغم هذا الاختلاف تبقى روايات نجاح أعمال مجلس التعاون الخليجي أكثر بكثير من فشله.

حساسية موقف المملكة من أي توجه يعارض فكرة الاتحاد تكمن بأنها صاحبة هذه الرؤية، فالمملكة بحكم انها أكبر دولة في المنطقة أعطتها هذه الخاصية دور الراعي المخلص لمصلحة أشقائه، فاستراتيجية الحذر المبكر من الأخطار المحيطة في دول الخليج هي التي تقود التوجه السعودي نحو انتقال مجلس التعاون الى الاتحاد، وليس شيئاً آخر، هذه البلاد كانت ومازالت صمام أمان لأشقائها في الخليج وهنا نتذكر كلمة المغفور له بإذن الله الملك فهد في عام 1990 عند احتلال دولة الكويت الشقيقة: "إما ترجع الكويت إما تروح المملكة معها" مشاركة تامة في الخطر لم يسجلها التاريخ لأي بلد في العالم غير هذه البلاد، فمساحة دور المملكة في السياسة الخارجية تمليه عليها مسؤوليتها المخلصة نحو أمن الخليج ومصالحه وليس من أجل الهيمنة وخلق تبعية مطلقة لها تضر بمصالح الخليج، مثل ما نشاهده في بعض البلدان مثل الهيمنة السورية على لبنان أو الهيمنة الإيرانية على العراق.

نقول إن فكرة الاتحاد تنبع من الإحساس بالخطر المحيط بالخليج وخاصة الجار الإيراني، وإن كانت الشقيقة عمان لا ترى ذلك خطراً، فعليها تحمل مسؤولية ملف الخطر الإيراني، وتكون هي صاحبة الدور المهم في إسكات الخطر الإيراني على دول الخليج، وتحمل الأمان المطلوب لدول الخليج، وهذا يتطلب منها أن تأخذ اعترافاً صريحاً من طهران بعروبة الخليج واستقلال البحرين ومنع التمدد الإيراني في المنطقة، وإن تعهدت الشقيقة عمان بذلك تكون فكرة الاتحاد حققت جانباً مهماً من أهدافها، فالمملكة لا يخفف حذرها من المخاطر المحيطة في المنطقة إلا إذا تعهدت إحدى شقيقاتها لها بذلك أما غير الأشقاء لن تجلب تصريحاته المعتدلة إلا مزيداً من الخطر، فسياسة تأمين الخطر بالتصريحات الناعمة لا يفسر إلا بتخدير الضحية حتى لا تفر من رمي الصياد.

مسيرة التعاون الخليجية حافلة بالإنجازات الخالدة التي لا تتغير باختلاف الرؤى، فالمصير المشترك لأبناء المجلس لم تصنعه مصلحة عابرة، أو مخاوف موقته، فالخليج كل ما فيه مشترك الدم والتاريخ والعادات والأفراح والألم، مسيرة مشتركة وستبقى بإذن الله مشتركة للأبد.

نقلاً عن صحيفة "الرياض"