اليمن السعيد يبحث عن سعادته

مشكلة المملكة مع اليمن غير السعيد وليس مع اليمن السعيد، فاليمن هو نقطة العبور الاستراتيجية للقوى الخارجية للدخول الى المملكة لتحقيق اهداف تلك القوى التي استثمرت حالة الاضطرابات في اليمن جيدا، وكثفت من حضورها الامني والاستخباري على عتبات بوابة المملكة الجنوبية، من اجل بناء قلاع الخوف والاحقاد بين الشعبين الشقيقين، هذه الحقيقة لم تكن غائبة عن ابناء اليمن الشقيق ولكن يبقى فهم الاسباب جزءا من الرضا بها، فاليمن بلد طالب للمساعدات والمبادرات، والحاجة تقلل من أدوات الفحص والفرز والابعاد..

الاسبوع القادم سوف يجتمع قادة دول مجلس التعاون الخليجي في الكويت ومن المرشح ان يكون الملف اليمني فيها ملفاً ثانوياً تتقدم عليه ملفات اكثر سخونة ولكنها ليست أكثر أهمية، فأجندة اللقاء ثقيلة والإرادات السياسية ايضا ثقيلة في حركتها، ولهذا السبب قد يكون من المناسب ان يكون الملف اليمني مسؤولية الارادة السياسية السعودية وبعيدا عن الارادات السياسية الاقليمية لاعتبارات يتفهمها جيدا الشعبان السعودي واليمني، اللذان يلتقيان في الحدود والتطلعات والمصير في تشابه شبه تمام لا تجد له مثيلا في كل دول الإقليم.

القوى الاجنبية في اليمن جعلت استقراره شيئا مجهولا ولكنه ليس مستحيلا، فمبادرة بعض الدول وليس آخرها انقرة الساعية لتقديم قراءتها الامنية لأوضاع اليمن وتصدير خبرتها ورؤيتها له لاعتبارات قد تكون غامضة، وقد تكون بسبب بناء سمعة امنية جيدة لأنقرة عند الدول البعيدة التي توجد لها مخاوف امنية في اليمن مثل اوروبا وواشنطن، حتى تقول لتلك الدول ان حضورها الامني مؤثر ومفيد وتفتح من خلال هذا الطريق باب التعاون الذي تسعى اليه، مثل هذا الحضور لا يزعج المملكة ولكنه ربما يبني طريقا مبهما يزعج ابناء اليمن في المستقبل ..

نقول ان الجوار السعودي - اليمني قدر جميل ويجب ان يستمر جميلا، والمملكة لديها الكثير لتقدمه للأشقاء في اليمن في أزمتهم مع الثورة والوحدة، فأزمة اليمن لم تكن ازمة بسبب التحول الديمقراطي الذي رفعت شعاره الثورة ولكنها أزمة حياة ومصير، وقد تكون أزمة هوية ولكنها ليست أزمة انتماء، فاليمن اليوم يبحث عن مصير غائب بسبب التحولات الداخلية والتدخلات الخارجية، وإن استمر وضعه كما هي الحال اليوم سيغيب مع مصيره الانتماء، لذا يجب البحث عن حل من زاوية المصير المشترك مع المملكة حتى لا تضطر المملكة للتفاوض مع أطراف اجنبية على مصيره، فأبناء المملكة واليمن لا توجد لديهم شكوك بأن مصيرهم واحد هذا ما تقوله جغرافيتهم وتاريخهم.

فاليمن ليس قدره ان يكون بلد اضطرابات ومفتوحا على كل احتمالات التراجع والدمار، فقيام لجنة مشتركة سعودية - يمنية تعمل على الارض اصبح مطلبا يمنيا وسعوديا ويصبح لها مقرات في كل مدينة يمنية، لاحتواء حالة التدهور المتزايدة في اليمن العزيز، وان يكون هذا الحضور المشترك نتيجة رؤية مشتركة تأتي من تفاهم مع القوى الشعبية والحكومية في البلدين..


نقلاً عن صحيفة " الرياض"