البرنامج النووي الإيراني في مواجهة الاتحاد الخليجي

أدخلت القوى العظمى 5+1 وإيران مبدأ جديدا في التفاوض لا يقوم على مفهوم الضغط أو التهديد لإجبار احد الاطراف على تقديم التنازلات المطلوبة للوصول للغاية من التفاوض، ولا على الاغراءات المادية.. هذا المبدأ الجديد يمكن وصفه بالمساعدة والتعاون فقد مدت القوى العظمى يد المساعدة لطهران لكي تتخلص من العقوبات الاقتصادية التي فرضت عليها بسبب برنامجها النووي وفي المقابل تعطي طهران حسن النوايا فقط وتتعهد بأن برنامجها النووي لا يهدد امن اسرائيل ولا امن المنطقة.. فتفكيك البرنامج او وقف تخصيب اليورانيوم أمر مستبعد من الاتفاق الذي تم التوصل اليه، وبهذا تكون طهران لم تعط شيئا، ولم تخسر شيئا وكسبت ضمانهة دولية في المحافظة على برنامجها النووي.

فالكل يريد مساعدة طهران للخروج من أزمتها الاقتصادية وإبعادها عن محور الشر الذي أدخلتها فيه ادارة بيل كلينتون ومن بعدها ادارة بوش الابن، فبتعاون القوى العظمى طهران بلا شر، ولا عجز اقتصادي.

طهران حظيت برعاية غير مسبوقة من الدول القوية لأسباب غير معروفة وتستعصي على التحليلات المنطقية، فليس من المقبول القول ان طهران قدمت شيئا جديدا، ومعتبرا لأطراف التفاوض لكي تحصل على هذه الرعاية، إلا إذا اعتبرنا حديث طهران المشابه لحديث القوى العظمى شيئا جديدا فربما تكون القوة ساوت بين الطالب والمطلوب، وهذا شيء يحترم في مجتمع الكبار.. إذن ماذا تريد القوى العظمى من طهران ؟ هل تريدها شريكا محتملا في سياسات محتملة لم تعرف بعد، وما هي هذه السياسات؟ ومن تكون لصالحه، ومن تكون ضده؟

فقد يكون من ضمن تلك السياسات تخفيف الوجود العسكري الاجنبي في المنطقة المكلف جدا، مع ضمان تأمين مصالحه، وبهذا تكون القوى العظمى حافظت على مصالحها وضمنت سلامة جيوشها بابعادهم عن المنطقة، فالتعاون على هذا الاساس تم العمل فيه اثناء احتلال العراق وبعد الانسحاب من العراق، فايران لم تقترب من المصالح الاجنبية في العراق على الرغم من سيطرتها الكاملة عليه وأعطت الضمانات الامنية للشركات الاجنبية للعمل في العراق.

أم أن القوى العظمى ارادت ان ترد على فكرة الاتحاد الخليجي بطريقتها، فوضعت امام الاتحاد الخليجي المحتمل الشراكة الاجنبية مع طهران المحتملة، فهذه الدول تعرف أن السعودية لم تطلق فكرة الاتحاد الخليجي من اجل الدعاية ولكنها جادة في ذلك.. فدول عربية متحدة بالحسابات الغربية البعيدة تعد خطرا على المصالح الاجنبية، كما انه ليس من صالح ايران ان تتحد دول الخليج، وافضل طريقة لإعاقة المشروع الاتحادي هي وضع طهران النووية بمواجهة هذا المشروع.

وعلى خلفية هذا السبب الحيوي يجب عدم الاطمئنان للاتفاق الذي تم بين القوى العظمى وطهران فبكل الحسابات ستكون دول الخليج هي الخاسرة من هذا الاتفاق، ومن هذا الاعتبار على الدول الخليجية ان تعلن في قمتها القادمة في الكويت اتفاقها على قيام الاتحاد الخليجي بأي شكل يتم التوصل اليه، وبهذا تكون دول الخليج عالجت المخاطر المحتملة بسياسات أكيدة لا تقبل احتمال الخسارة..

نقلاً عن صحيفة " الرياض"