شهر الله المحرم.. خصائص وفضائل

مر العام الهجري وانتهى كأن لم يكن، وبدأ عام هجري جديد بدخول شهر الله المحرم، والذي تبدأ به السنة الهجرية، هذا الشهر اختص ببعض المزايا التي لا توجد في غيره من الشهور، فهو شهر عظيم مبارك، وهو في نفس الوقت أحد الأشهر الحرم التي نوه القرآن بها في قوله تعالى: إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم.. الآية (36) سورة التوبة كما ورد ذكره في سنة النبي صلى الله عليه وسلم وذلك في الحديث الذي رواه أبو بكرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض، السنة اثنا عشر شهرا منها أربعة حرم، ثلاث متواليات ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان رواه البخاري وإنما سمي شهر المحرم بهذا الاسم لكونه شهرا محرما يحرم فيه القتال ولأمر آخر وهو تأكيد حرمته، وكأن الإسلام حريص على أن يبدأ المسلمون سنتهم بالسلام والأمن والطمأنينة ونبذ العداوات والخلافات والتطاحن بينهم، ولذا حرم القتال فيه حرمة شديدة. من خصائص هذا الشهر لهذه الشهر ثلاث خصائص رئيسة وهي: 1-حرمة القتال فيه أيا كان، وذلك على خلاف بين العلماء في نسخ هذا الحكم من عدمه. 2-أن الإثم والذنب يضاعف فيه، كما يضاعف فيه أجر وثواب العمل الصالح والطاعات والقربات ولذا قال الله جل وعلا: فلا تظلموا فيهن أنفسكم أي في هذه الأشهر المحرمة، ومعلوم أن الله جل وعلا حرم الظلم في جميع الشهور، لكنه في هذه الشهور المحرمة آكد وأشد حرمة وأبلغ في الإثم والذنب. قال ابن عباس في قوله تعالى: (فلا تظلموا فيهن أنفسكم) في كلهن ثم اختص من ذلك أربعة أشهر فجعلهن حراما، وعظم حرماتهن وجعل الذنب فيهن أعظم والعمل الصالح والأجر أعظم. وقال قتادة في قوله فلا تظلمـوا فيهن أنفسكم إن الظلم في الأشهر الحرم أعظم خطيئة ووزرا من الظلم فيما سواها. وإن كان الظلم على كل حال عظيما، ولكن الله يعظم من أمره ما يشاء، وقال: إن الله اصطفى صفايا من خلقه: اصطفى من الملائكة رسلا ومن الناس رسلا، واصطفى من الكلام ذكره، واصطفى من الأرض المساجد، واصطفى من الشهور رمضان والأشهر الحرم، واصطفى من الأيام يوم الجمعة، واصطفى من الليالي ليلة القدر، فعظموا ما عظم الله. فإنما تعظم الأمور بما عظمها الله به عند أهل الفهم وأهل العقل. انظر ابن كثير فضل الإكثار من صيام النافلة في شهر محرم أما الخاصة الثالثة: فهي أن الصوم في هذه الشهر يعد من أفضل الصيام بعد صيام شهر رمضان، ولذا فإنه يستحب فيه الإكثار من الصيام، وذلك لما رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم رواه مسلم وهذا الحديث مما يؤكد فضيلة هذا الشهر حيث أضافه الله إلى نفسه وهذه الإضافة إضافة تعظيم وتكريم كما هو معلوم. وهذا الحديث محمول على الترغيب في الإكثار من الصيام في هذا الشهر، ولكن لا يصومه كله، بل عليه أن يترك منه ولو يوما أو يومين، لأنه ثبت في الحديث الصحيح عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصم شهرا كاملا قط غير رمضان. وقد ثبت إكثار النبي صلى الله عليه وسلم من الصوم في شعبان? ولعله لم يوح إليه بفضل المحرم إلا في آخر الحياة قبل التمكن من صومه.. شرح النووي رحمه الله على صحيح مسلم. قال الحافظ ابن حجر قيل الحكمة في جعل المحرم أول السنة أن يحصل الابتداء بشهر حرام ويختم بشهر حرام ? وتتوسط السنة بشهر حرام وهو رجب ? وإنما توالى شهران في الآخر لإرادة تفضيل الختام ? والأعمال بالخواتيم.