في الشريعة الإسلامية الأسباب الكافية للوقاية من السحر

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: فقد شرع الله سبحانه لعباده ما يتقون به شر السحر قبل وقوعه، وأوضح لهم سبحانه ما يعالج به بعد وقوعه، رحمة منه لهم وإحسانا منه إليهم، وإتماما لنعمته عليهم، وفيما يلي بيان للأشياء التي يتقى بها خطر السحر قبل وقوعه، والأشياء التي يعالج بها بعد وقوعه من الأمور المباحة شرعا. ما يتقى به خطر السحر قبل وقوعه أما ما يتقى به خطر السحر قبل وقوعه فأهم ذلك وأنفعه هو التحصن بالأذكار الشرعية والدعوات والتعوذات المأثورة، ومن ذلك قراءة آية الكرسي خلف كل صلاة مكتوبة بعد الأذكار المشروعة بعد السلام، ومن ذلك قراءتها عند النوم، وآية الكرسي هي أعظم آية في القرآن الكريم، وهي قوله سبحانه: الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء وسع كرسيه السموات والأرض ولا يؤده حفظهما وهو العلي العظيم (البقرة: 255) ومن ذلك: قراءة قل هو الله أحد (الإخلاص: 1)، قل أعوذ برب الفلق ( الفلق: 1)، قل أعوذ برب الناس (الناس: 1) خلف كل صلاة مكتوبة وقراءة السور الثلاث ثلاث مرات في أول النهار بعد صلاة الفجر، وفي أول الليل بعد صلاة المغرب. ومن ذلك: قراءة الآيتين من آخر سورة البقرة في أول الليل، وهما قوله تعالى: آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير ( البقرة: 285) إلى آخر السورة. وقد صح عن رسول الله صلى لله عليه وسلم أنه قال: من قرأ آية الكرسي في ليلة لم يزل عليه من الله حافظ، ولا يقربه شيطان حتى يصبح. وصح عنه أيضا صلى الله عليه وسلم أنه قال: من قرأ الآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه والمعنى والله أعلم: كفتاه من كل سوء. ومن ذلك: الإكثار من التعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق في الليل والنهار وعند نزول أي منزل في البناء أو الصحراء أو الجو أو البحر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من نزل منزلا فقال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك. ومن ذلك: أن يقول المسلم في أول النهار وأول الليل ثلاث مرات: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم لصحة الترغيب في ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن ذلك سبب السلامة من كل سوء. وهذه الأذكار والتعوذات من أعظم أسباب اتقاء شر السحر وغيره من الشرور لمن حافظ عليها بصدق وإيمان وثقة بالله واعتماد عليه وانشراح صدر لما دلت عليه، وهي أيضا من أعظم السلاح لإزالة السحر بعد وقوعه مع الإكثار من الضراعة إلى الله وسؤاله سبحانه أن يكشف الضرر ويزيل البأس. ومن الأدعية الثابتة عنه صلى الله عليه وسلم في علاج الأمراض من السحر وغيره وكان يرقي بها أصحابه -: اللهم رب الناس، أذهب البأس واشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقما يقولها ثلاثا. ومن ذلك: الرقية التي رقى بها جبرائيل النبي صلى الله عليه وسلم وهي قوله: بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك، ومن شر كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك، بسم الله أرقيك وليكرر ذلك ثلاث مرات. من علاج السحر بعد وقوعه ومن علاج السحر بعد وقوعه أيضا وهو علاج نافع للرجل إذا حبس عن جماع أهله، أن يأخذ سبع ورقات من السدر الأخضر فيدقها بحجر أو نحوه ويجعلها في إناء، ويصب عليه من الماء ما يكفيه للغسل، ويقرأ فيها آية الكرسي و قل يا أيها الكافرون ( الكافرون: 1 ) و قل هو الله أحد ( الإخلاص: 1)، و قل أعوذ برب الفلق ( الفلق: 1)، وقل أعوذ برب الناس (الناس:1)، وآيات السحر التي في سورة الأعراف وهي قوله سبحانه: وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون. فوقع الحق وبطل ما كانوا يعملون. فغلبوا هنالك وانقلبوا صاغرين (الأعراف: 117 119) والآيات التي في سورة يونس وهي قوله سبحانه وقال فرعون ائتوني بكل ساحر عليم. فلما جاء السحرة قال لهم موسى ألقوا ما أنتم ملقون. فلما ألقوا قال موسى ما جئتم به السحر إن الله سيبطله إن الله لا يصلح عمل المفسدين. ويحق الله الحق بكلماته ولو كره المجرمون (يونس: 79 82) والآيات التي في سورة طه: قالوا يا موسى إما أن تلقي وإما أن نكون أول من ألقى. قال بل ألقوا فإذا حبالهم وعصيهم يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى. فأوجس في نفسه خيفة موسى. قلنا لا تخف إنك أنت الأعلى. وألق ما في يمينك تلقف ما صنعوا إنما صنعوا كيد ساحر ولا يفلح الساحر حيث أتى (طه: الآيات: 65 69) وبعد قراءة ما ذكر في الماء يشرب منه ثلاث مرات ويغتسل بالباقي، وبذلك يزول الداء إن شاء الله، وإن دعت الحاجة لاستعماله مرتين أو أكثر فلا بأس حتى يزول الداء. ومن علاج السحر أيضا وهو أنفع علاجه بذل المجهود في معرفة موضع السحر في أرض أو جبل أو غير ذلك، فإذا عرف واستخرج وأتلف بطل السحر. هذا ما تيسر بيانه من الأمور التي يتقى بها السحر ويعالج بها، والله ولي التوفيق. علاج السحر بالسحر وأما علاجه بعمل السحرة الذي هو التقرب إلى الجن بالذبح أو غيره من القربات فهذا لا يجوز؛ لأنه من عمل الشيطان بل من الشرك الأكبر. فالواجب الحذر من ذلك، كما لا يجوز علاجه بسؤال الكهنة والعرافين والمشعوذين واستعمال ما يقولون؛ لأنهم لا يؤمنون، ولأنهم كذبة فجرة يدعون علم الغيب ويلبسون على الناس، وقد حذر الرسول صلى الله عليه وسلم من إتيانهم وسؤالهم وتصديقهم كما سبق بيان ذلك في أول الرسالة، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن النشرة فقال: هي من عمل الشيطان (رواه الإمام أحمد وأبو داود بإسناد جيد) والنشرة هي حل السحر عن المسحور؛ ومراده صلى الله عليه وسلم بكلامه هذا النشرة التي يتعاطاها أهل الجاهلية، وهي سؤال الساحر ليحل السحر أو حله بسحر مثله من ساحر آخر. أما حله بالرقية والمتعوذات الشرعية والأدوية المباحة فلا بأس بذلك كما تقدم. وقد نص على ذلك العلامة ابن القيم والشيخ عبد الرحمن بن حسن في فتح المجيد رحمة الله عليهما، ونص على ذلك أيضا غيرهما من أهل العلم. والله المسئول أن يوفق المسلمين للعافية من كل سوء، وأن يحفظ عليهم، ويرزقهم الفقه فيه والعافية من كل ما يخالف شرعه، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه. هذا الموضوع مأخوذ من كتاب رسالة في حكم السحر والكهانة مع بعض الفتاوى المهمة نشرته دار الوطن بالرياض