كيف يقتحم المسلمون المستقبل!!

الحديـث عـن المحنـة التـي تعيشها الأمـة الإسـلاميـة أهلك بحثـا وتنظيـرا وجلـــدا! لكنه مازال يغري بعض المثقفين بالمزيد من الحديث عنه، ربما -على الأقل- ليضمنوا تبرئة أنفسهم وتصنيفها أنها خارج النسق المأزوم! الأمة- ولا جدال- تعيش محنة كبرى تزداد اتساعا يوما بعد يوم، فيزداد الأمل بالنهضة ارتخاء واهتراء. لقد أصبح الإنسان العربي صعلوكا في صحراء الأرض المتلاطمة بالقوى والأقطاب، فهو منبت الصلة بماضيه.. عاجز عن التواصل مع مستقبله. إن غياب الغايات الإسلامية النبيلة، والعجز عن تجسيد المبادئ والقيم التي جاء الإسلام بها لتطهير الذات والمجتمع المحيط، جعل الإنسان المسلم يفقد شخصيته وهويته التي تميزه عن سائر الهويات الأخرى. فالإنسان العربي المسلم يغط منذ زمن طويل في سبات عميق لا تلوح منه بوادر يقظة! فهو لا يفكر إلا في ذاته من خلال لذاته وأطماعه الفردية.. بعيدا عن هاجس النهوض بالجماعة والأمة التي كرس الإسلام الدعوة إلى تبنيها والتمثل بها. هذه الجهود التي تبذل في مختلف الأنحاء من أجل عودة الوعي، لماذا تتبعثر وتصبح هباء منثورا؟ وهل الداء يكمن في الوسائل أم في الغايات؟ حقيقة وضع المسلمين قد يدعي البعض أننا أفضل بكثير من النظرة السوداوية المحاطة بنا!، لكن البعض الآخر لا يملك في يده مؤشرات الأفضلية التي يمكن أن يغتال بها هذا الشؤم الساكن حول الديار! هل نحن حقا نعيش صحوة أو يقظة- أيا كان اسمها- تنبىء بقرب وصول الحصان الأبيض؟!، أم أن يقظتنا هي تلك التي صورها (بدوي الجبل) بقوله: نحن موتى، وإن غدونا ورحنا والبيوت المزوقات قبور نحن موتى، يسر جار لجار مستريبا: متى يكون النشور؟! لا نريد أن نقع في الفخ نفسه الذي حذرنا منه في السطور الأولى وهو: التنظير المستنسخ وجلد الذات. الحاجة ملحة إلى تقديم رؤية عملية بل نريد من العلماء والمفكرين أن يقدموا رؤية عملية قابلة للإنفاذ- ولو جزئيا- حول وضع منهجية متسمة بالواقعية، للخروج بالأمة من هذا المأزق الحاد والمزمن. كيف يمكن أن نوقظ هذا الإنسان الغارق في نوم اليقظة؟ كيف يمكن أن يخوض هذا الإنسان متغيرات المستقبل المتفاقمة، دون أن يفقد أو يذيب ثوابته من تعاليم الإسلام وقيمه الراسخة؟ وحين نقول: ثوابت الماضي، فإننا نعني الماضي بمفهومه الزماني الذي أتت منه تلك الثوابت، لا الماضي بمفهومه المنتهي أو البائد. كيف يمكن أن نعتقه من أغلال مقولة: (ليس في الإمكان أبدع مما كان))، وكذا مقولة: (ما ترك الأول للآخر شيئا)! هل العلاج المأمول ينبغي أن يتعاطى على مستوى الفرد، أم على مستوى المجتمع والدولة؟ هل علة المرض تتفاقم من فيروس تربوي، أم من فيروسات أخرى سياسية واجتماعية واقتصادية؟ قد نبدع في تحديد أسئلة متنوعة حول العلة، لكن المهم هو أن نبدع في تحديد أجوبة قابلة للتعاطي.