بنيان بلا أركان

من العجائب والغرائب في هذا الزمن أن يدخل الإنسان منزلا ويطأ أرضا ويتولى أمر رعية وهو لايعرف كيف يدير مملكته ويدبر أمره، بل ويجهل حقوقه وواجباته! إنها جوانب نقص وقصور أن يقدم على هذه المملكة بحماس ورغبة ولهفة.. ومع هذا فهو يخفق في قراءة وسماع صلاحياته وحدود أمره ونهيه! وربما كان هذا التفريط سببا في تهدم أركان هذه المملكة الجميلة وتفرق أصحابها وانطفاء سراجها! وإن لم تتهدم الأركان فقد يتصدع البنيان وتكون مملكة خالية من الود والمحبة قائمة على الجهل وردود الفعل السريعة! ولكثرة من يقيمون في هذه المملكة على مدى السنوات فإن الحقوق تتسع والواجبات تعظم! فهل رأيت ملكا يحكم مملكة بدون خبراء ومستشارين وبلا قيادة ورأس! وقد تكون أنت أخي الشاب هو ذلك الرجل المعني بالأمر.. فتقدم على الزواج وأنت تجهل حقوقك كزوج وراع، وتغفل عن حقوق الزوجة وسبل إسعادها.. ثم إذا تعاقبت الأيام ونمت الدوحة وكبرت الأسرة فإذا بك تجهل سبل تربية الأبناء وكيفية التعامل مع المراهقين وسبل المحافظة عليهم وإبقاء حبل المودة موصولا! وقد رأيت إحصائية قام بها بعض المهتمين بأمر الأسرة، حيث وزع استبانة على ( 125) رجلا قدموا إلى المحكمة لتطليق زوجاتهم، فإذا بالجميع باستثناء قلائل قاموا بإيقاع الطلاق على زوجاتهم وهم لايعرفون أن الطلاق نوعان: سني وبدعي، ناهيك عن حكمهما ووقتهما! أما في سبل وجوانب معاملة الزوجة فالأمر دونك.. وفي تربية الصغار ومعاملة المراهقين فخلاف المؤمل والمرجو والجميع يعترف بذلك! وما نرى جميعا ذاك الرجل إلا كمن أعطي أرضا وبيده بذور رماها كيفما اتفق، ثم ولى مدبرا ولم يعقب، لكنه يتمتم: نريد زوجات صالحات وأبناء نجباء وأسرة سعيدة! وقد ذرت الريح تلك البذور فأصبحت ثمارها ماتراه العين في بعض شباب الأمة! وحال الفتاة ليس ببعيد، وفي الواقع غنية عن الاستفاضة، فحديث ليلة العرس وفستانه وحذاؤه يأخذ من وقتها الكثير، وتقرأ عنه ما وقع تحت يدها وتسأل كل من رأتها! أما متابعة حقوق الزوج وواجباته وآداب الزواج وسننه فالأمر ليس إليها! هي مملكة ذات كيان خاص، لكنها مبنية على التفريط والإهمال. وأقل نهاياتها تفلت السعادة الزوجية وقلة الود بين الزوجين وسوء تربية الأبناء، وبهذا تكون النتائج دون الهدف المرجو من الزواج!