الصحافيون العراقيون.. من مجرد بوق للحكومة إلى مستقبل مجهول

بعد سنوات من العمل تحت واحد من اكثر النظم السياسية قمعا في العالم، بدا الصحافيون العراقيون مستعدين لدخول عالم حرية التعبير لأول مرة، وذلك بعد أن وعدتهم الولايات المتحدة بإعادة اعمار البنية التحتية التي دمرت خلال الحرب. وتحت نظام صدام حسين الذي استمر 24 عاما كانت الصحافة مجرد بوق للحكومة تغدق المديح على الحاكم وأعوانه. وحتى قبل ثلاثة أسابيع من سقوط النظام في العراق كانت وسائل الإعلام العراقية تقول إن الجيش العراقي يسحق القوات التي تقودها الولايات المتحدة في حربها ضد العراق. أما اليوم فلم يعد هناك وجود للإعلام في العراق. وأصدرت الصحف الخمس الرئيسية في البلاد وهي صحيفة الثورة والجمهورية وبابل والعراق والقادسية أعدادها قبل يوم من دخول القوات الأميركية الى وسط بغداد. وتعرضت مكاتب التلفزيون العراقي للقصف في الحملة الجوية وغابت القنوات التلفزيونية العراقية الثلاث وهي القناة الحكومية والفضائية وتلفزيون الشباب الذي كان يديره عدي نجل صدام حسين قبل سقوط بغداد. ولكن وبعد ذهاب صدام يتطلع حوالي 30 صحافيا وفنيا من العاملين في التلفزيون والإذاعة العراقية لاستئناف عملهم وقد اجتمعوا مؤخرا مع ضابط من مركز العمليات الأميركية في فندق فلسطين وسط بغداد. وقال عبد الخالق فليح (34 عاما) الذي كان يعمل صحافيا في محطة التلفزيون العراقية الفضائية اصدرت قوات الاحتلال نداء الى صحافيي وفنيي التلفزيون للاجتماع معهم واعتقد أن (الأميركيين) يفكرون في إطلاق محطات جديدة وتوظيف عراقيين للعمل معهم. وقال فليح الذي كان راتبه لا يتعدى 12 دولارا شهريا انه تحت حكم صدام كان الصحافيون يعلمون أن هناك خطوطا حمرا يجب عدم تجاوزها. ومن بين الأمور التي كان يرغب فليح في قولها قبل الحرب هو أن على صدام قبول الإنذار النهائي الذي وجهه الرئيس الأميركي جورج بوش له بمغادرة العراق لتجنب الحرب. ولكن ذلك كان مستحيلا في ذلك الوقت. ويقول فيلح إن العديد من العراقيين يأسفون لقرار صدام غير الصحيح بالبقاء في السلطة، وكانوا يأملون بأن يخرج إلى المنفى لتجنب الحرب. وقال محمد صادق الملاك زميل فليح لو انه (صدام) ترك السلطة قبل الحرب لكان اليوم في وضع افضل، ولكن من كان يستطيع قول ذلك في ظل نظام صدام؟ وقال الملاك انه تحت نظام صدام، كان كل الصحافيين يعيشون في خوف. لم يكن هناك وجود لحرية التعبير. وقال من الآن فصاعدا نأمل أن نستطيع أن نقول ما نفكر به دون رقابة. وقالت شيماء الزبير التي كانت نجمة برامج المناقشات على التلفزيون العراقي انها تأمل في أن يبقى أعضاء حزب البعث الموالين لصدام الذين كانوا أبواق النظام على التلفزيون دون عمل إلى الأبد. وقالت هؤلاء الفاسدون افسدوا عملنا ولم يسمحوا للمواهب الشابة بالتعبير عن أنفسهم لانهم كانوا يخشون من ان يأخذوا مكانهم. وقالت بسببهم خرجت من البرامج السياسية. ولكنني آمل أن أستطيع في المستقبل أن أناقش أي موضوع ارغب به مع حرية التعبير التي وعدنا بها. وكانت الزبير تتقاضى راتبا مرتفعا بالنسبة لزملائها بلغ 25 دولارا. وقالت انه كان يتوجب على صدام حسين ان يتخلى عن السلطة بشرف في خطاب الى الامة. مضيفةكان ذلك سيجعل منه بطلا لو انه جنبنا الحرب. واثناء اجتماعه في فندق فلسطين مع الصحافيين طلب اللفتنانت كولونيل الأميركي جون اوبراين من الصحافيين وضع لائحة بالمعدات التي لا تزال بحوزتهم ولائحة باحتياجاتهم لمواصلة البث. وأوضحت إحدى المراسلات العراقيات أن الإعلام بحاجة إلى كل شيء تقريبا. وقالت ان ما لم يتم تدميره في القصف تعرض للنهب على أيدي السارقين في الفراغ الذي خلفه غياب السلطة في العراق. وقالت ان الأميركيين استطاعوا ان يحضروا لنا الدبابات والقنابل، فلماذا إذن لا يحضروا لنا معدات بث جديدة للإذاعة والتلفزيون؟. واجاب اوبراين يجب أن تفهموا ان هذه عملية تدريجية أولا المرحلة العسكرية ثم إعادة البناء بناء على الأولويات. وقال نحن على سبيل المثال نحتاج الى إعادة تشغيل الكهرباء حتى يتمكن الناس من سماع ورؤية ما ستبثونه.