هل يتحقق السبق الصحفي لتغطية الأزمة العراقية في ظل ظروف الحرب؟

يتنافس الصحفيون والإعلاميون العرب والأجانب لتغطية تطورات الأوضاع في العراق على تحقيق سبق صحفي بمفهومه الاحترافي يضاف إلى إنجازاتهم المهنية ويرفع من مستوى مؤسساتهم الإعلامية، غير أن ذلك قد أصبح صعبا لارتباطه ببدء الحرب التي يأمل الجميع عدم حدوثها خشية أن يطالهم شررها. ويقرأ الزائر للمركز الصحفي ببغداد في وجوه المتواجدين فيه من صحفيين وإعلاميين عناوين قلق وآثار إرهاق رغم أن إنتاج هؤلاء في نهاية يوم العمل الذي يستمر 16 ساعة أحيانا لا يتجاوز تقريرا مختصرا عن نشاطات فرق التفتيش أو قصة صحفية عن وجه من أوجه الحياة الاجتماعية في العراق. يقول محسن طرفة مدير المركز الصحفي الذي تأسس عام 1991 إنهم يستقبلون منذ ذلك التاريخ أعدادا كبيرة من الصحفيين، لاسيما في أوقات الأزمات السياسية، زادت في بعض الاحيان عن أكثر من 600 صحفي وإعلامي . ويوفر المركز خدماته للصحفيين العرب والأجانب ولشبكات التلفزة والمحطات الإذاعية الدائمة والزائرة، ويوجد فيه أكثر من 45 مكتبا دائما لوكالات أنباء ومحطات تلفزة وراديو. ويؤكد طرفة أن المركز يستقبل في الأوضاع العادية مراسلين من مختلف أنحاء العالم يأتون لإعداد تقارير سياسية واقتصادية وسياحية حول العراق، ويمكثون في البلاد لمدة أسبوعين أو أكثر. وشدد على أن المركز لا يمارس أي دور رقابي على الصحفيين والإعلاميين، بل يوفر لهم خدمات الاتصال الحديثة من إنترنت وبث فضائي إضافة إلى المترجمين والمرافقين، ويسهل لهم مهمة مقابلة المسؤولين وحضور المؤتمرات الصحفية. وأوضح طرفة أنه يوجد في المركز حاليا أكثر من 250 صحفيا وإعلاميا مشيرا إلى وجود حوالي 700 طلب تقدم بها صحفيون آخرون، ويتم الآن دراستها من أجل منحهم تصاريح دخول حسب الدور. ويوفر المركز الذي يعمل على مدار 24 ساعة فرصة التعرف للصحفيين على حقيقة خلو العراق من أسلحة الدمار الشامل من خلال مرافقتهم لفرق التفتيش في زياراتها للمصانع والمنشآت العسكرية والمدنية. وفي الوقت الذي يسعد فيه العراق من متابعة وسائل الإعلام لنشاطات المفتشين الدوليين وزياراتهم كونها تنصب في إطار خدمة عدالة قضيته، فإن المفتشين يضيقون ذرعا من إلحاح الإعلاميين. ويرى صبحي حداد مراسل هيئة الإذاعة البريطانية ووكالة الأنباء الأسبانية في بغداد أن وسائل الإعلام ساهمت في عكس حقيقة الموقف العراقي الذي يؤكد أنه يتعاون بشكل تام مع مفتشي الأسلحة. وأوضح أن 90 بالمائة من المراسلين الصحفيين يركزون نشاطاتهم على مفتشي الأسلحة الذين يغضبون من مضايقة الصحفيين لهم. المنافسة بين الصحفيين وفي رده على سؤال حول وجود المنافسة بين هوءلاء الصحفيين، قال حداد إن المنافسة موجودة وهي مشروعة ومهنية .. فالزملاء القادمون من الخارج والذين يمثلون شبكات تلفزة أو محطات إذاعية هدفهم الأول والأخير هو تغطية الفعاليات التي تسبق الحرب. ويضيف في ظل عدم وجود السبق الصحفي فان المراسلين يكتبون مواضيع حول الحياة في العراق واثار الحصار الاقتصادي المفروض عليه منذ 12 عاما وتأثير ذلك على المواطنين. وعن تقييمه لأداء الإعلام في تغطية الأزمات والحروب التي مر بها العراق قال: لقد لعب الإعلام العراقي والعربي والدولي دورا نموذجيا في تغطية الحرب العراقية الإيرانية وحرب الخليج الثانية وكذلك الهجوم الصاروخي الأميركي البريطاني عام 1998، حيث لم نتوقف لحظة واحدة عن تغطية تطورات تلك الأحداث. وأعرب مراسل وكالة أنباء الأناضول التركية عن اعتقاده بأن المركز الصحفي في بغداد سيواصل نشاطه عند حدوث أي هجوم عسكري من قبل الولايات المتحدة وبريطانيا لأنه لا يوجد مكان آخر يمكن أن يلجأ إليه المراسلون الصحفيون غير هذا المكان. وقال: الولايات المتحدة الأميركية تعلم أن هذا المكان سيضم مئات المراسلين العرب والأجانب، وأنه سيكون المصدر الوحيد لنقل تطورات الحرب المرتقبة، لذا أتمنى أن لا يصبح هدفا للغارات الجوية. وتحسبا من انقطاع التيار الكهربائي عند بدء العمليات العسكرية فقد اشترت غالبية محطات التلفزة والراديو مولدات كهربائية صغيرة للاستفادة منها في تشغيل المصابيح وتغذية أجهزة الإرسال الستلايت فون. وبالنسبة للمواطنين العراقيين فقد تباينت تقديراتهم لموضوعية المراسلين، الأجانب تحديدا .. ففي الوقت الذي يؤكد نزار إسماعيل أن الموضوعية تغلب على تقارير هؤلاء المراسلين باعتبارهم محترفين ويحترمون مصداقيتهم، يرى عبدالناصر زياد أن انحيازهم لمواقف دولهم يطغى على مهنيتهم، ولا يضعون أي اعتبار لمعاناة العراق.