نقص المناعة

لطالما سمعنا عن جهود الخبراء والأخصائيين الذين لا يملون القيام بأبحاثهم وتجاربهم العملية في سبيل التوصل إلى علاج جديد لمرض نقص المناعة أو مايعرف بالإيدز الذي يذهب ضحيته مئات الآلاف سنويا. فمنذ أكثر من عامين ونصف وأنا أتابع الصحف والمجلات، ولا تكاد تخلو أي وسيلة إعلامية من بحث أو تقرير أو تجربة أو مقال عن الإيدز، إلا أنه لم يتم التوصل إلى الآن إلى العلاج الشافي من هذه المصيبة إذا صح التعبير. وتتوالى الأبحاث في هذا المجال وتزداد عمقا يوما بعد يوم، فهل ستحقق إحداها نجاحا كاملا يوما ما؟! أبحاث جديدة...وخبراء يعملون..! وها هو أمل جديد يلوح في الأفق ظهر مؤخرا من شأنه _ كما يقول الخبراء_ أن يخلص هؤلاء المرضى من هذا الوباء القاتل. إنه مطعوم جديد تمت تجربته على قرود مصابة بالمرض، وأدى إلى نتائج باهرة، حيث نشر وي لو من جامعة رين دسكارتز وزملاؤه تقريرا على شبكة Nature Medicine يقولون فيه: إن نوعا جديدا من اللقاح ضد الإيدز حقق نتائج مدهشة. وبحسب الباحثين يستخدم اللقاح نوعا من الخلايا الصلبة DC ويحولها إلى جهاز المناعة. وتقوم هذه الخلايا بعدة وظائف، ولكن عملها الرئيسي يتمثل في التقاط المواد الغريبة وتحويلها إلى جهاز المناعة، فيبدأ هذا سلسلة من التفاعلات التي تهاجم بقوة المواد الغريبة الأخرى. حقن لو وفريقه فيروسا في خلايا صلبه (DC) ، ثم قاموا بحقن هذه الخلايا في قرود مصابة بنفس الفيروس. ويسبب هذا الفيروس عادة مرضا يشبه الإيدز، ويؤدي إلى موت القرود بسرعة، ولكن وجد أن القرود التي عولجت بالمطعوم لم تمت، ولم تصب بالمرض أيضا لمدة تصل إلى 34 أسبوعا، وهي الفترة التي استغرقتها الدراسة. وبدلا من ذلك تعزز جهاز المناعة لدى القرود. وتجعل المطاعيم عادة جهاز المناعة يقوم بأحد شيئين: إما إنتاج أجسام مضادة أو خلايا لقتل الجراثيم. ولكن اللقاح المصنوع من الخلايا الصلبة DC أدى إلى إنتاج الأجسام المضادة والخلايا القاتلة للجراثيم معا. وقال لو وزملاؤه: يمكن أن تؤدي طرق علاجية مصممة لإحداث مناعة قوية ضد الإيدز من خلال خلايا محددة باستخدام مطاعيم DC إلى السيطرة على هذا المرض القاتل. وفي تعليق له على الدراسة، قال الدكتور بروس ووكر، مدير أبحاث الإيدز في مستشفى مساشوستس العام، إن النتائج مدهشة وغير متوقعة، وأضاف أن القضية الكبرى تكمن في الكيفية التي سيسيطر بها جهاز المناعة المحفز باللقاح على فيروس الإيدز. وقال ووكر: إذا ثبتت نجاعة هذه الطريقة في القرود، وعدلت بنجاح لتلائم الإنسان، فإنها قد تمثل خطوة رئيسية في علاج الإيدز. وكغيرها من الدراسات أطلق عليها صفة النجاح مع أنها لا تزال في بدايتها، الأمر الذي يخيب أمل مئات الملايين من المصابين بهذا الفيروس المميت، لاسيما هؤلاء الذين انتقل إليهم الفيروس بطريقة التلوث ولم يكن لهم أي تجارب جنسية عابرة غير شرعية. فهل سيتابع العالم ضجيجه بهذه القضية دونما التوصل إلى فائدة عملية، أم أننا سنشهد يوما يصرح فيه الأطباء عن عجزهم عن إيجاد العلاج المناسب..أم ماذا..؟؟!!!!