الأمن الإعلامي العربي .. وإدارة الصراع بين القوى العالمية

أصبحت قضايا الأمن بمختلف قطاعاته تشغل بال أصحاب القرار في الوطن العربي، وتحظى باهتمام كبير ليس من قبلهم فحسب وانما من قبل المؤلفين والكتاب، فبعد أن طرح قضايا الأمن الغذائي والأمن المائي من خلال العديد من الكتب والدراسات التي تعالج هذين الموضوعين الهامين، برز الآن وبقوة طرح قطاع هام من الأمن هو الأمن الإعلامي العربي. والأمن الإعلامي العربي وهموم المجتمع المعلوماتي في عصر العولمة هو عنوان لكتاب صدر حديثا للمؤلفين صابر فلحوط رئيس اتحاد الصحافيين السوريين ومحمود البخاري، ويقع في 134 صفحة، طرح فيه التحديات الجديدة التي سببتها العولمة الإعلامية، والتي تهدد باكتساح كل شيء حاملة معها أنواعا جديدة من الأسلحة أصبحت معروفة باسم الأسلحة الإعلامية، وأصبحت تستخدم في الحروب والصراعات لتأخذ حيزا هاما من تفكير بعض الدول في العالم المتقدم والأقل نموا وحتى النامي على حد سواء . وقالا إنه من أجل ذلك تم إنشاء المؤسسات المتخصصة، ودفعت الدول للعمل الجاد من أجل تحقيق أمن إعلامي وطني، وللمطالبة بتحقيق أمن إعلامي دولي يصون الحقوق ويحمي المقدسات من التطاول والاعتداء والتحريف والتخريب. الصراع الإعلامي وسلط المؤلفان الضوء على السلاح الإعلامي ودوره في خدمة الدول الصناعية المتقدمة وادارة الصراع بين القوى العالمية، وهو ما يتطلب التعرض لمشكلة الأمن الإعلامي العربي والدولي، ومشكلة مصطلح الحرب الإعلامية، ومجالات تأثير الصراع الإعلامي الدولي من خلال تهديداته للأمن الإعلامي الوطني العربي . وتعرض الكتاب للخصائص الأساسية للأسلحة الإعلامية، وأهدافها في مجالات استخدام السلاح الإعلامي، ومجالات الرقابة على الإعلام الدولي، وسيناريوهات الحرب الإعلامية، داعيا إلى اتخاذ الحلول السريعة ودون إبطاء لمشكلة الأمن الإعلامي، لما لها من خطورة بالغة على المجتمع الإنساني. المجتمع المعلوماتي وتناول المؤلفان المشكلة، سواء من وجهة نظر المعارضين لها أساسا وينفون وجودها، أو من وجهة نظر أولئك الذين تنبهوا لها، وباتوا يطالبون بإيجاد الحلول لها ضمن الشرعية الدولية واحترام سيادة الدول . كما تناول المؤلفان مشكلة الأمن الإعلامي من وجهة نظر البحث العلمي، وتأثير الأمن الإعلامي على التفاهم الدولي، وتناولا أيضا موضوعا له ارتباط وثيق بالأمن الإعلامي وهو المجتمع المعلوماتي، وتعرضا إلى مصاعب الانتقال إلى المجتمع المعلوماتي، وضرورة وضع الضوابط والخطط الشاملة للانتقال إلى المجتمع المعلوماتي من خلال السياسات الحكومية في تطوير البنى التحتية اللازمة لهذا المجتمع . وتعرضا لحتمية الثورة الاتصالية والمعلوماتية في ظل العولمة التي طغت على حياة الناس، وغيرت من طبيعة حياتهم اليومية، وخصائص ومتطلبات ومشاكل وشروط بناء المجتمع المعلوماتي في الدول النامية، ولوسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية والدولة والقومية في المجتمع المعلوماتي، وتأثيره على وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية العربية . وبينا أن الانتقال إلى المجتمع المعلوماتي مرتبط بالعولمة التي تهيمن فيها وسائل الإعلام الجماهيري والاتصال عن بعد في الدول المتقدمة على الساحة الإعلامية، ولايمكن مواجهة أخطارها في الدول العربية عن طريق الانغلاق أو منع التدفق الإعلامي الخارجي، وإنما يمكن مواجهة أخطارها عن طريق تحصين المتلقي لمواجهة سيل المعلومات والإعلام الجماهيري المتدفق عليه من الدول المتقدمة، بحيث يستطيع المتلقي العربي الاستفادة من إيجابيات الإعلام الخارجي في مجال العلوم والتقنيات الحديثة وتحييد سلبياته التي تستهدف كيان الإنسان العربي، وضرورة زيادة قدرة وسائل الإعلام والاتصال عن بعد العربية على المنافسة في الساحة الإعلامية الدولية ومخاطبة الرأي العام العالمي . الرأي العام العالمي وأكدا أن ذلك يأتي عن طريق التركيز على القضايا المهمة التي تمس وجهات النظر العربية من مختلف القضايا العربية الإقليمية والدولية، وعدم الاكتفاء بنقل الموقف ووجهات النظر إلى الرأي العام العربي فقط، بل مضاعفة التركيز على الرأي العام العالمي وبلغاته القومية لمواجهة أي تحريف أو تشويه. ودعا الكتاب إلى ضرورة أن تأخذ وسائل الأعلام الجماهيري العربية التصدي للحملة الإعلامية المركزة ضد العرب والمسلمين واستغلال الصراعات الحدودية بين دول الجوار والتي خلفها الاستعمار الأوروبي وراءه، وتغذيها بعض القوى الخارجية التي لها مصلحة في إبقاء التوتر وعدم الاستقرار في المنطقة العربية . ورأى الكتاب انه لابد من وضع برنامج واقعي يمكن تطبيقه على المستوى العربي لتحقيق التعاون والتنسيق في العمل الإعلامي، يتعزز فيه مشاركة الصحافيين العرب في صناعة الخبر عن أهم الأحداث العالمية الجارية، وتنمية علاقة المشاركة بين الأوساط الصحفية العربية والدولة ومؤسساتها السياسية والدستورية على أساس من العمل لمصلحة الوطن العربي . وطالب بوضع برنامج إعلامي عربي يضمن فاعلية أكبر لوسائل الأعلام الجماهيرية العربية ويضمن لها دورا أكثر فاعلية ويساعدها على أداء أدوارها في مجالات التوعية العلمية والاقتصادية والتصدي لأعباء التنمية الشاملة والارتقاء بوسائل الأعلام الجماهيرية العربية إلى مصاف كبريات وسائل الإعلام العالمية، وبذلك يمكن لوسائل الإعلام العربية أخذ دورها الريادي أثناء الانتقال التدريجي إلى المجتمع المعلوماتي المنفتح، وهو الذي تمخض عن العولمة وتداعياتها الإعلامية، بشكل أكثر إيجابية وفاعلية وتأثيرا.