في تعليم اللغة الإنكليزية: الواقعية والمصداقية ..غائبتان!

إن جيلي من المدرسين هو نتاج لتلك المناهج المثقلة والمتخمة بكم معرفي كمالي هائل من الثقافة الأكاديمية والنظرية Academic and Luxury knowledge التي لم تنجب شيئا من حيث إيجاد استعداد عملي لممارسة اللغة الإنجليزية والتحدث بها واستخدامها في مجالات الحياة اليومية العادية. وكل ذلك لسبب واحد فقط ألا وهو غياب أو تغييب الواقعية لدى المتعلمين. إن الواقعية في المناهج يجب أن تشمل ليس فقط الجانب النوعي بل الكمي أيضا لأن المتعلمين لا يحتاجون فقط إلى وجبه شهية بل إلى وقت كاف أيضا لهضمها وتقبلها وتمثلها. يجب أن يكون المتعلمون الدارسون موضوعا لمشاركة واسعة داخل فصولهم، وإلا فإن السلبية وعدم المشاركة هذه ستهدم كل شيء في العملية التعليمية المطلوبة برمتها. مناهج اللغة الإنجليزية يجب أن تكون أقل أكاديمية منذ سنوات عدة يواجه مصممو ومؤلفو المناهج في العالم العربي تحديات كبيرة في تحقيق حاجات ومتطلبات الدارسين. وبدأ هؤلاء المصممون يدركون حقيقة أساسية وهي أن مناهج اللغة الإنجليزية يجب أن تكون أقل أكاديمية وأكثر علمية في الجانب التطبيقي. وبعبارة أخرى يجب أن تكون واقعية كما وكيفا. وكما هو معلوم طبعا فإن العملية التعليمية تتضمن طرفين أساسين هما: المدرس، والدارس الذي يجب أن يكون الهدف الذي صمم من أجله المنهج. ولكي يكون المنهج واقعيا وقريبا من إمكانات الطالب النفسية والعقلية فإن مراعاة الوقت المخصص لتنفيذ هذا المنهج يجب أن تكون من بين الشروط الأساسية والبدهيات التي لا جدال فيها عند تصميم أي منهج يراد له النجاح، وتتضح هذه الحقيقة عند مقارنة مناهجنا بما يدرس في بلدان أخرى من مناهج، حيث تبدو مناهجنا المحشوة بالغث والسمين مريعة ومخيفة ضمن الوقت المخصص والذي لا يسمح بتنفيذها، فيكون ذلك عادة على حساب الجانب العملي التطبيقي الذي يبدو هزيلا في كل مناهجنا. المناهج والواقعية وسنحاول الآن إلقاء نظرة عاجلة من خلال مراجعة تاريخية موجزة على مشكلة المناهج وعلاقتها بالحس الواقعي ومدى ارتباطها بمفهوم الواقعية Realism، ويمكننا هنا تتبع ثلاثة مسارات أو طرائق استخدمت عبر الفترة الزمنية الماضية قبل عام 1970م وما بعد ذلك، حيث دفعت تلك الطرائق مناهج اللغة الإنجليزية أكثر فأكثر نحو الاقتراب من الواقعية في ممارسة اللغة الإنجليزية وتطبيقها بطريقة حوارية أكثر إلى حد ما Communicative Approach، وهناك ثلاثة أنواع رئيسية لهذه المفاهيم: ـ Structural Syllabus المنهج الذي اعتمد التراكيب القواعدية النحوية كأساس لتعليم اللغة. ويمثل هذا المنهج البدايات الأولى في تعليم مناهج اللغة الإنجليزية في العالم العربي. لقد تم اختيار وتصنيف هذا النوع من المناهج حسب خطة تعتمد أساسا على تعليم اللغة الإنجليزية من خلال تعلم قواعدها، حيث أصبح الطالب يحمل كما كبيرا من القواعد والتراكيب ولكنه غير قادر على استعمالها لأنه تعلم القاعدة دون المهارة، كالذي قرأ عن حرفة الكهرباء أو النجارة وعرف أصولها، ولم يعمل بأي منهما. ـ Functional-notional Syllabuses ظهرت هذه المناهج في السبعينيات بديلا عن المنهج التراكيبي السابق Structural Syllabus في العالم العربي وأدخل مصممو المناهج بعض الواقعية في ثنايا هذا المنهج أو ذاك بعد أن أثبت المنهج التركيبي فشله في تحقيق المهمة الهدف Task في تعليم اللغة، وأصبح هناك نوع من التركيز وتسليط الضوء على الأسلوب الحواري كطريق بديل في نجاح مهمة التعليم. الأسلوبي الإجرائي وأثره في تعليم اللغة الإنجليزية ـ الأسلوب الإجرائي Procedural and Task-based syllabus لقد ركز هذا المنهج على مزيد من الواقعية، بحيث يصبح الفصل عالما شبيها بالعالم الخارجي، وذلك من خلال التركيز على الأنشطة الحركية داخل الفصل لكي يصبح الطالب طرفا أساسيا ومهما ومعنيا بكل ما يدور ويجري داخل الفصل. فالطالب هو الذي يتكلم ويسأل ويحاور ويواجه المواقف المختلفة المشابهة لما يدور في الحياة اليومية. الطالب هو الذي يوجد الموقف ويبادر ويسأل عن مشكلة ما ويحاول إيجاد حل لها مع خلال مشاركة جماعية تشمل الدارسين كافة داخل الفصل الذي يصبح شبيها بالعالم الواسع. ودور المعلم هنا لا يتعدى حدود المحرض والمصحح والقائد الذي يقود عن بعد. هذه النظرة السريعة على حركة تطور المناهج (انظر المخطط) في عالمنا العربي تبين مدى التحول والاتجاه من الطريقة التراكيبية إلى الطريقة الإجرائية في تعليم مهارات اللغة وممارستها وتطبيقها، لا مجرد معرفتها معرفة نظرية غير قادرة على ترجمتها عمليا واستخدامها للتعبير عن الذات الذي هو الأساس في عملية تعلم وتعليم أية لغة أجنبية. APPROACHES Language-centered Skill-centered Learning-centered Functional-notional syllabus Structural syllabus Procedural and task-based syllabus وعندما نتأمل في المناهج المصممة لتعليم أية لغة أجنبية فإننا نجد أن هذه المناهج قد شملت ثلاث نواح حسب رأي Hutchinson and Waters 1987:22: ـ معرفة اللغة عن طريق قواعدها. ـ معرفة عامة بمفرداتها. ـ الحاجات الأساسية للمتعلمين (ما يريده المتعلم من اللغة). دور مدرس اللغة الإنجليزية إن مهمتنا الأساسية كمدرسين للغة الإنجليزية هي بلا شك يجب أن تكون إضفاء المزيد من الواقعية على أساليبنا وطرائقنا من حيث التطبيق العلمي لجعل الدارسين يمارسون اللغة بشكل حقيقي وعملي وليس فقط تقديم المعلومات والمفردات النظرية التي لا ترتبط بواقع وحاجات الدارس الذي من أجله صممنا المناهج أصلا. إن جميع الفعاليات والأنشطة Activities يجب أن تنبثق أصلا من الحاجات الأساسية للمتعلم، ويجب أن تكون على قدر كبير من الواقعية والمصداقية في أثناء تطبيقها وممارستها. إن الممارسة العملية للتحدث باللغة واستخدامها كما يستخدمها الناطقون بها ظلت، وللأسف الشديد، هدفا أقل ما يفكر فيه مدرسونا. إن السؤال الذي يجب أن يسأل هو: كم من المعلومات المقدمة وجدت طريقها إلى التطبيق العملي؟ هل مارسنا وطبقنا كل ما تعلمناه، أو قل جزءا يسيرا مما تعلمناه، خصوصا ونحن نعلم لغة أجنبية؟ أعتقد أننا نعلم أكثر مما نطبق وهذا هو الخطر الحقيقي. إن ما يقدمه المدرس يجب أن ينفذه المتعلمون بطريقة حركية ديناميكية، ويجب أن يأخذ طريقه إلى حيز التنفيذ الفعلي، وذلك باستخدامه وتطبيقه في التحدث والتعبير والمحاورة. وللأسف الشديد فإن مناهجنا ظلت حتى الساعة تغص بالحشو والإطالة وهو ما يجعل المدرس يحس دائما بالضغط الشديد والتوتر بسبب تقصيره وعدم قدرته على تنفيذ الخطة المقررة للمنهج، وهذا بدوره ينعكس سلبا على الدارس من حيث تقليص المساحة المخصصة للتطبيق والممارسة وإعطاء الدارس الفرصة الكافية لتطبيق ما تم تعلمه. وهكذا فإن عامل الوقت يبقى شبحا مخيفا يطارد كلا من المدرس والدارس، المدرس الذي لا يجد وقتا لتنفيذ الخطة المقررة، والدارس الذي لا يجد وقتا أيضا لكي يطبق ما تعلمه في قاعات الدروس. وبذلك تغيب الواقعية والمصداقية اللتان هما أساسيتان في عملية تعلم أية لغة أجنبية. وختاما: نستطيع القول أن المنهج الواقعي هو منهج متوازن يأخذ بعين الاعتبار كلا من الكم والكيف، ويجمع بين المعرفة والتطبيق الكافي لها، والأكثر أهمية من ذلك أن يكون التنفيذ صادقا وعمليا ضمن إطار قريب جدا من الواقعية والملموس. والحكمة التي يجب أن يضعها مدرس اللغة الإنجليزية نصب عينيه دائما هي: Infuse more Reality into your teaching.